[شيء من أخبار الإمام الداعي الحسن بن القاسم]
وكان الداعي الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام صاحب جيشه والمستولي على الأمر، لشهامته وحسن بلائه بين يديه، وورعه ودينه، ولأنه لم يكن في أولاده من يعتمد للولاية، لأن أبا الحسن كان مع فضله في الأدب على غير طريقة السداد، وكان الناصر رضي الله عنه معرضا عنه منكرا عليه، وأبو القاسم وأبو الحسين كانا صغيرين، فلما ترعرعا كان يستعين بهما فيما يجوز أن يستعان فيه بمثلهما من الشباب، فينفذهما في بعض السرايا ويوليهما بعض الجيوش، ولما فتح آمل ودخلها وولى أبا القاسم سارية، ووقع بينه وبين الداعي تنافر ونزاع، وطال الخطب في ذلك.
ولما أوقع الناصر للحق عليه السلام وأنفذ على مقدمته إبنه أبا القاسم إلى آمل، وكان الداعي رضي الله عنه يطمع في أن يختار للتقدم، فاستوحش من ذلك ولم يظهره، وكان هذا أول نفوره عنه سرا، فقد كان منه رضي الله عنه أثر ظاهر جميل في تحمل المبارزة بنفسه والتقدم إلى حيث لم يتقدم أحد، وكان أصحاب الناصر الذين هم أهل الدين والورع، مثل أبي محمد عبد الله بن أحمد بن سلام رحمه الله ومن دونه يميلون إلى الداعي رضي الله عنه لدينه وورعه واستقامة طريقته، وينحرفون عن أولاد الناصر لسلوكهم لطريقة غير مرضية في الباطن.
واستوحش الداعي ونفر عن الناصر لمكان أولاده وقصدهم إياه، وأدى ذلك النفار إلى الهفوة التي اتفقت منه في القبض على الناصر وإنفاذه إلى قلعة اللارز، وقد ذكر من اعتذر عنه أنه كان كارها لما جرى، وأن الإقدام على ذلك بدر من سفهاء الجيل والديلم الذين كانوا وردوا في صحبة الداعي رضي الله عنه.
صفحة ١٢٠