11
فيقول: إني لم أستعملكم على أمة محمد على أشعارهم ولا على أبشارهم، وإنما استعملتكم عليهم لتقيموا بهم الصلاة وتقضوا بينهم بالحق، وتقسموا بينهم بالعدل، لا تجلدوا العرب فتذلوها ولا تجمروها
12
فتفتنوها، ولا تغفلوا عنها فتحرموها، جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن محمد
صلى الله عليه وسلم
وأنا شريككم. وكان يقص من عماله، وإذا شكي إليه عامل جمع بينه وبين من شكاه، فإن صح عليه أمر يجب أخذه به أخذه. وكان إذا بعث أمراء الجيوش يوصيهم بتقوى الله، وأن لا يعتدوا، ولا يجبنوا عن اللقاء، ولا يمثلوا عند القدرة، ولا يسرفوا عند الظهور، ولا يقتلوا هرما ولا امرأة ولا وليدا، وأن يتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان وعند حمة النهضات وفي شن الغارات، وأن لا يغلوا عند الغنائم، وينزهوا الجهاد عن عرض الدنيا.
وكان عمال عمر عرضة لكشف أحوالهم مهما بلغ من منزلتهم، وكان إذا شكي
13
إليه عامل أرسل محمد بن مسلمة يكشف الحال، وله عدة طرق في كشف سيرة عماله، منها أن يأمر عماله أن يوافوه بالموسم، فإذا اجتمعوا قال: «أيها الناس، إني لم أبعث عمالي عليكم ليصيبوا من أبشاركم ولا من أموالكم، إنما بعثتم ليحجزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم، فمن فعل به غير ذلك فليقم.» فما قام إلا رجل واحد فقال: إن عاملك فلانا ضربني مائة سوط، قال: فيم ضربته؟ قم فاقتص منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، إنك إن فعلت هذا يكثر عليك، ويكون سنة يأخذ بها من بعدك. فقال: أنا
14
صفحة غير معروفة