الإدارة الإسلامية في عز العرب

محمد كرد علي ت. 1372 هجري
115

الإدارة الإسلامية في عز العرب

تصانيف

قوم منصورون تعتل دولتهم مرة، وتصح مرارا؛ لأن أصلها ثابت وبنيانها راسخ. وخلف المكتفي في بيوت الأموال من العين ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الورق خمسة وعشرين ألف ألف دينار، وفي رواية أنه خلف مائة ألف ألف دينار عينا وعقارا وأواني بمثلها.

واستخلف المقتدر طفلا ووالدته وخالته وأم ولد المعتضد تدير الملك، حتى إن هذه السيدة جلست بالرصافة للمظالم تنظر في الكتب يوما في كل جمعة، فأنكر الناس ذلك واستبشعوه، وكثر عيبهم عليه والطعن فيه. ولم يكن في جلوسها أول يوم طائل، وفي اليوم الثاني أحضرت القاضي فحسن أمرها، وخرجت التوقيعات عن سداد، فانتفع بذلك المظلومون، وسكن الناس إلى ما كانوا نافرين من قعودها ونظرها. فالمقتدر في سنيه الأولى خصوصا كان يتدبر بآراء النساء والحاشية، والسيدة وقهرمانتها، ومن يجري مجراهن من نساء القصر، يتحكمن في كل أمر، ويتدخلن في العزل والنصب. وأمروا صاحب الشرطة ببغداد أن يجلس في كل ربع من الأرباع فقيها يسمع من الناس ظلاماتهم، ويعتني في مسائلهم حتى لا يجري على أحد ظلم. وأمروه أن لا يكلف الناس ثمن الكاغد الذي تكتب فيه القصص وأن يقوم به، وألا يأخذ الذين يشخصون مع الناس أكثر من دانقين في أجعالهم.

ورد المقتدر رسوم الخلافة

92

إلى ما كانت عليه من التوسع في الطعام والشراب وإجراء الوظائف. وكان في داره أحد عشر ألف خادم خصي من الروم والسودان. وزاد في أرزاق بني هاشم، وأعاد الرسوم في تفريق الأضاحي على الفقراء والعمال وأصحاب الدواوين والقضاة والجلساء، وأسرف في الأموال فمحق من الذهب ثمانين ألف ألف دينار

93

وفرق في خمس وعشرين سنة ما جمعه المنتصر والمهتدي والمعتمد والمعتضد والمكتفي. وحار الناس في أمر دولة المقتدر

94

وطول أيامها على وهي أصلها وضعف ابتنائها، ولم ير الناس ولم يسمعوا بمثل سيرته وأيامه وطول خلافته.

على أنه كان جيد العقل، صحيح الرأي، ولكنه كان مؤثرا للشهوات. قال التنوخي:

صفحة غير معروفة