289

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

تصانيف

وأما ما ذهب إليه هذه الجماعة من أصحابنا فهو أن العقل حاكم عند عدم الشرع فيلزم من لم يسمع شيئا من الشرائع أن يفعل ما يستحسن فعله، وأن يترك ما يستقبحه العقل واحتجوا على ذلك بقوله تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} (¬1) ، وبقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} (¬2) ، فثبت من الآية الأولى وجوب تكليف الإنسان مطلقا حيث انتفى الإهمال عنه، وثبت من الآية الثانية وجوب ما يحسن في العقل وترك ما يقبح فيه، لأن ذلك مما أوتي أهل العقول فهم يثبتون حكم العقل حيث لا شرع، وأما عند ورود الشرع فيوجبون الرجوع إلى أحكام الشرع فلا حسن عندهم إلا ما حسنه الشرع ولا قبيح إلا ما قبحه الشرع فلا يوجبون على الله تعالى شيئا مما توجبه المعتزلة، ولا يردون حكما صح نقله عندهم، فبين ما ذهب إليه البعض منا وبين ما ذهبت إليه المعتزلة البون البعيد، فلا يشكل عليك ذلك؛ واعلم أن مذهب المعتزلة في القول بتحكيم العقل مبني على أن الحسن والقبح عقليان، وعندنا وعند الأشعرية لا حسن إلا ما قال لنا الشرع افعلوه، ولا قبيح إلا ما قال لنا الشرع اتركوه. وقالت المعتزلة أيضا بناء على قولهم بتحكيم العقل إلى وجوب الصلاحية والأصلحية على الله تعالى.

قال المصنف: «والعقلي ثلاثة أقسام: واجب: وهو ما يتصور في العقل عدمه، ومستحيل: وهو ما لا يتصور في العقل وجوده، وجائز: وهو ما جاز في العقل وجوده وعدمه».

¬__________

(¬1) - ... سورة القيامة: 36.

(¬2) - ... سورة الطلاق: 7.

صفحة ٢٩١