... ورواه مسلم في كتاب الإيمان، حديث 104 قال: «حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني قال صلى بنا رسول الله e صلاة الصبح بالحديبية في إثر السماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «هل تدرون ماذا قال ربكم؟» قالوا: «الله ورسوله أعلم» قال: «قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب» وهو عند الربيع أيضا، وحديث: «من قال لأخيه: ياكافر فقد باء بها» (¬1) ، ومعناه أيضا عند الربيع (¬2) فكل هذه الأحاديث في الصحيح.
فقد ورد من هذا الجنس أشياء كثيرة لا يمكن الخصم دفعها ولا حملها على غير كفر النعمة، وإذا ثبت إطلاق اسم الكفر على فاعل الكبيرة من الكتاب والسنة ظهر لك صواب ما عليه الأصحاب من جعل الكفر شاملا للشرك وفعل الكبيرة، فهو مقابل عندهم للإيمان، فلا منزلة بين الإيمان والكفر، فمن خرج عن الإيمان دخل في الكفر وبالعكس؛ ويجب إثبات المنزلة بين الشرك والإيمان وهي منزلة النفاق المعروفة عند المعتزلة وعامة الناس بالفسق، إذ ليس كل فاسق مشركا، ولا كل كافر مشركا وكل مشرك كافر، فافهم الفرق واتبع الحق والله أعلم».
وقول المصنف: «أويحرم عليه فيركبه»، فالمراد به أن العبد لا عذر له في ارتكاب المحجور عليه، وذلك سواء علم بحجره أو جهل، مستحلا أو محرما، فلا عذر له بجهل ولا بفتوى مخطئ، لأن المفتي إذا أخطأ وجه الصواب فليس بحجة.
¬__________
(¬1) - ... رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، رقم 5639، قال: «حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن عبدالله بن دينار عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله e قال: «أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما»
(¬2) - ... رواية الربيع عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبيء e قال: «من قال لأخيه يا كافر، فقال أنت الكافر، فقد باء بالكفر أحدهما، والبادي أظلم». قال الربيع: استحق اسم الكافر دون صاحبه، لقوله له يا كافر.
صفحة ٢٧٦