الفصل التاسع عشر يجب التقصير في الصلاة والصوم في كل سفر بلغ ثمانية فراسخ، بريدين، أربعة وعشرين ميلا، إلا إذا كان السفر معصية فإنه لا يجوز فيه، وذلك مثل اتباع السلطان الجائر في طاعته من غير ضرورة، وطلب الصيد لللهو والبطر لا لنفقة العيال، فأما للتجارة فروي: أنه يتم الصلاة ويفطر الصوم، (1) وإذا كانت المسافة أربعة فراسخ (2) وأراد الرجوع من يومه قصر، وإن لم يرد ذلك وكان أربعة فصاعدا ولم يبلغ الثمانية فهو مخير بين الاتمام والتقصير في الصلاة دون الصوم، وإن نقص عن أربعة لم يجز التقصير في الصلاة أيضا، ومع ما ذكرنا لا يجوز التقصير إلا بعد أن يخرج ويتوارى عنه جدران بلده، أو يخفى عليه أذان مصره، والمسافة في البحر كهي في البر في ذلك، وإذا ردت الريح السفينة فوقفت لذلك كان الفرض التقصير، لأنه لم ينو المقام.
المكاري والملاح والراعي والبريد والبدوي، والذي لم يكن له دار مقام، والوالي الذي يدور في ولايته، والذي يدور في جبايته، والدائر في تجارته من سوق إلى سوق، ومن كان سفره أكثر من حضره، لا يجوز لهؤلاء التقصير إلا إذا كان لهم في بلدهم مقام عشرة أيام، فحينئذ يجب التقصير، وإن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيام قصروا الصلاة بالنهار وتمموها بالليل، ولا يحتاج إلى نية التقصير، بل ينوي فرض الوقت فحسب.
ومن خرج بنية السفر ثم بدا له وهو في الصلاة تمم، وإذا خرج من منزله وقد دخل وقت الصلاة وجب عليه التمام إذا بقي من الوقت ما يفي به، فإن تضيق
صفحة ٩٢