كل عقل يعقل أشياء دائمة لا تدثر ولا تقع تحت الزمان، وذلك أنه إن كان العقل دائما لا يتحرك، فإنه علة لأشياء دائمة لا تستحيل ولا تقع تحت الكون والفساد. وإنما صار العقل كذلك لأنه يعقل بأنيته، وأنيته دائمة لا تستحيل ولا تتغير. فإن كان هذا هكذا، قلنا إن علة الأشياء المستحيلة الواقعة تحت الكون والفساد من علة جرمية زمانية، لا من علة عقلية دهرية.
[chapter 11] ١١ — باب آخر
الأوائل كلها بعضها فى بعض بالنوع الذى يليق أن يكون أحدها فى الآخر، وذلك أن فى الأنية الحياة والعقل، وفى الحياة الأنية والعقل، وفى العقل الأنية والحياة. إلا أن الأنية والحياة فى العقل عقلان، والأنية والعقل فى الحياة حياتان، والعقل والحياة فى الأنية أنيتان. وإنما كان ذلك كذلك لأن كل أول من الأوائل إما أن يكون علة، وإما أن يكون معلولا. فالمعلول فى العلة بنوع العلة، والعلة فى المعلول بنوع المعلول.
ونحن موجزون وقائلون: إن الشىء الكائن فى الشىء بنوع علة إنما يكون فيه بالنوع الذى هو عليه: مثل الحس فإنه فى النفس بنوع نفسانى، والنفس فى العقل بنوع عقلى، والعقل فى الأنية بنوع أنى، والأنية الأولى فى العقل بنوع عقلى، والعقل فى النفس بنوع نفسانى، والنفس فى الحس بنوع حسى. ونرجع فنقول: إن الحس والنفس فى العقل والعلة الأولى بنوع 〈وبنوع〉 على ما بينا.
[chapter 12] ١٢ — باب آخر
صفحة ١٤