كتاب الإيضاح في شرح المصباح
تصانيف
قال في أنوار اليقين: وروينا في تفسير الثعلبي رفعه إلى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:(يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤن عن الحوض فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى). ومن صحيح مسلم: رفعه إلى ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بموعظة فقال:(يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله عراة حفاة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين، ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) ، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك). ومن الجمع بين الصحيحين قال: وأخرجه البخاري من حديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:(بينا أنا قائم إذ أقبلت زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: إلى أين؟ فقال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم، قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم قال إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل الغنم) انتهى. فتأمل أيها المنصف فإنك لا تجد لدعوى صغر معصية الصحابة في تقدمهم على علي عليه السلام إلا مجرد المحاباة وإلا فهلم الدليل على الفارق والمخصص لما ذكرنا من الأحاديث.
قالوا: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتولاهم ويرضى عنهم.
قلت: إن صح ذلك فمعارض بما رواه أئمة الهدى من التجرم والشكوى من أخذهم حقه والعزم على حربهم لو وجد الناصر، وقد قدمنا في ذلك من الروايات ما فيه كفاية. ثم أنا نقول: للمعترض أخبرنا عن توليه عليه السلام لهم. هل كان مع علمه بأنه الإمام ومع عزمه على قتلهم وقتالهم فذلك باطل إذ هم عنده عاصون محادون الله ورسوله وحاشا أمير المؤمنين أن يتولى من حاد الله ورسوله، وقد قال الله تعالى{لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}، أو كان لأجل جهله بالدليل على إمامته واعتقاد أنهم الأئمة، فذلك خلاف مذهبك لأنك تقول باستحقاقه الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل وخلاف ما هو المعلوم من حاله من ادعائه للإمامة وعلمه بالأدلة كيف وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم(أنا مدينة العلم وعلي بابها).
صفحة ٢٩٤