الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
قُمْتُ بِهَا قَامُوا عَلَيْكَ، وَرُبَّمَا ذَهَبَ دَمُكَ؟! فَقَالَ: دَعْ هَذَا الْكَلَامَ وَخُذْ فِي غَيْرِهِ ".
فَتَأَمَّلُوا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَفِيهَا الشِّفَاءُ، إِذْ لَا مَفْسَدَةَ فِي الدُّنْيَا تُوَازِي مَفْسَدَةَ إِمَاتَةِ السُّنَّةِ، وَقَدْ حَصَلَتِ النِّسْبَةُ إِلَى الْبِدْعَةِ، وَلَكِنَّ الطَّرْطُوشِيَّ ﵀ [كَانَ لَا] يَرَى ذَلِكَ شَيْئًا.
فَكَلَامُهُ لِلِاتِّبَاعِ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ هَذَا الرَّادِّ، إِذْ بَيْنَهُمَا فِي الْعِلْمِ مَا بَيْنَهُمَا.
وَأَيْضًا؛ فَلَوِ اعْتَبَرَ مَا قَالَ؛ لَزِمَ اعْتِبَارُهُ بِمِثْلِهِ فِي كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ الدُّعَاءَ بِهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعُ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ عَرَفَةَ، وَمِنْهُمْ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ السَّلَفِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ لَازِمٍ؛ فَمَسْأَلَتُنَا كَذَلِكَ.
ثُمَّ خَتَمَ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ الْإِجْمَاعِيَّ بِقَوْلِهِ: وَقَدِ اجْتَمَعَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ وَفِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ عَلَى الدُّعَاءِ أَدْبَارَ الصَّلَاةِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَدْخُلَ ذَلِكَ مَدْخَلَ حُجَّةٍ إِجْمَاعِيَّةٍ عَصْرِيَّةٍ.
فَإِنْ أَرَادَ الدُّعَاءَ عَلَى هَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِ دَائِمًا لَا يُتْرَكُ كَمَا يُفْعَلُ بِالسُّنَنِ، وَهِيَ مَسْأَلَتُنَا الْمَفْرُوضَةُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
[فَصْلٌ سُكُوتُ الشَّارِعِ عَنِ الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةٍ مَا]
فَصْلٌ
ثُمَّ أَتَى بِمَأْخَذٍ آخَرَ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِحَّةٍ مَا زَعَمَ، وَهُوَ أَنَّ الدُّعَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ نَهْيٌ عَنْهُ، مَعَ وُجُودِ التَّرْغِيبِ فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَوُجُودِ الْعَمَلِ بِهِ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ؛ فَالتَّرْكُ لَيْسَ
1 / 465