317

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

مَا مِنْ مَعَارِفِ الرَّائِي وَغَيْرِهِمْ، فَيُشِيرُ لَهُ إِلَى رَجُلٍ آخَرَ: هَذَا فُلَانٌ النَّبِيُّ، وَهَذَا الْمِلْكُ الْفُلَانِيُّ، أَوْ مَنْ أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ لَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِهِ، فَيُوقِفُ اللَّبْسَ عَلَى الرَّائِي بِذَلِكَ، وَلَهُ عَلَامَةٌ عِنْدَهُمْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ أَمْكَنَ أَنْ يُكَلِّمَهُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ غَيْرِ الْمُوَافِقَيْنِ لِلشَّرْعِ، فَيَظُنُّ الرَّائِي أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ ﷺ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَلَا يُوثِقُ بِمَا يَقُولُ لَهُ أَوْ يَأْمُرُ أَوْ يَنْهَى.
وَمَا أَحْرَى هَذَا الضَّرْبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ أَوِ النَّهْيُ فِيهِ مُخَالِفًا لِكَمَالِ الْأَوَّلِ، [وَهُوَ لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ] حَقِيقًا بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُوَافِقًا، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَةِ إِشْكَالٌ.
نَعَمْ؛ لَا يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَا حَتَّى يَعْرِضَهَا عَلَى الْعِلْمِ؛ لِإِمْكَانِ اخْتِلَاطِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ بِالْآخَرِ وَعَلَى الْجُمْلَةِ، فَلَا يَسْتَدِلُّ (بِالرُّؤْيَا) فِي الْأَحْكَامِ إِلَّا ضَعِيفُ الْمِنَّةِ.
نَعَمْ؛ يَأْتِي الْمَرْئِيَّ تَأْنِيسًا وَبِشَارَةً وَنِذَارَةً خَاصَّةً، بِحَيْثُ لَا يَقْطَعُونَ بِمُقْتَضَاهَا حُكْمًا، وَلَا يَبْنُونَ عَلَيْهَا أَصْلًا، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ فِي أَخْذِهَا، حَسْبَمَا فُهِمَ مِنَ الشَّرْعِ فِيهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ الِاجْتِمَاعُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي وَالْأَخْذُ بِالذِّكْرِ الْجَهْرِيِّ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ]
فَصْلٌ
وَقَدْ رَأَيْنَا أَنْ نَخْتِمَ الْكَلَامَ فِي الْبَابِ بِفَصْلٍ جَمَعَ جُمْلَةً مِنْ الِاسْتِدْلَالَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَغَيْرِهَا فِي مَعْنَاهَا، وَفِيهِ مِنْ نُكَتِ هَذَا الْكِتَابِ جُمْلَةٌ أُخْرَى، فَهُوَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ بِحَسْبَ الْوَقْتِ وَالْحَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ

1 / 336