274

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

عَلَى مُطْلَقِ الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَمَسَاقُهُ يُفِيدُ لَهُ مَزِيَّةً فِي الرُّتْبَةِ، وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى الْحُكْمِ.
فَإِذًا؛ هَذَا التَّرْغِيبُ الْخَاصُّ يَقْتَضِي مَرْتَبَةً فِي نَوْعٍ مِنَ الْمَنْدُوبِ خَاصَّةً، فَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ إِلَى الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ؛ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ: " إِنَّ الْأَحْكَامَ لَا تُثْبَتُ إِلَّا مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ "، وَالْبِدَعُ الْمُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِغَيْرِ الصَّحِيحِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَشْرُوعَاتِ؛ كَالتَّقْيِيدِ بِزَمَانٍ أَوْ عَدَدٍ أَوْ كَيْفِيَّةٍ مَا، فَلْيَلْزَمْ أَنْ تَكُونَ أَحْكَامُ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ ثَابِتَةً بِغَيْرِ الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَاقِضٌ لِمَا أَسَّسَهُ الْعُلَمَاءُ.
وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَحْكَامَ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا تَحَكُّمٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، بَلِ الْأَحْكَامُ خَمْسَةٌ، فَكَمَا لَا يُثْبَتُ الْوُجُوبُ إِلَّا بِالصَّحِيحِ؛ [فَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ النَّدْبُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ إِلَّا بِالصَّحِيحِ]، فَإِذَا ثَبَتَ الْحُكْمُ فَاسْتَسْهِلْ أَنْ يَثْبُتَ فِي أَحَادِيثِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَلَا عَلَيْكَ.
فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: كُلُّ مَا رَغِبَ فِيهِ؛ إِنْ ثَبَتَ حُكْمُهُ وَمَرْتَبَتُهُ فِي الْمَشْرُوعَاتِ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ؛ فَالتَّرْغِيبُ فِيهِ بِغَيْرِ الصَّحِيحِ مُغْتَفَرٌ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ التَّرْغِيبِ؛ فَاشْتَرِطِ الصِّحَّةَ أَبَدًا، وَإِلَّا؛ خَرَجْتَ عَنْ طَرِيقِ الْقَوْمِ الْمَعْدُودِينَ فِي أَهْلِ الرُّسُوخِ، فَلَقَدْ غَلِطَ فِي الْمَكَانِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَى الْفِقْهِ، وَيَتَخَصَّصُ عَنِ الْعَوَامِّ بِدَعْوَى رُتْبَةِ الْخَوَاصِّ، وَأَصْلُ هَذَا الْغَلَطِ عَدَمُ فَهْمِ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

1 / 293