الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
محقق
سليم بن عيد الهلالي
الناشر
دار ابن عفان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
مكان النشر
السعودية
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ فِي أَصْلِ التَّشْرِيعِ بِأَمْرٍ تَعَبُّدِيٍّ؛ فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ غَيْرُ بِدْعَةٍ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ وَقَعَ؛ إِلَّا عَلَى أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَخْرُجَ أَصْلًا شَرْعِيًّا مِثْلَ الْإِحْسَانِ الْمُتْبَعِ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وَالصَّدَقَةِ مِنَ الْمِدْيَانِ الْمَضْرُوبِ عَلَى يَدِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، (وَ) يَكُونُ إِذْ ذَاكَ مَعْصِيَةً.
وَالثَّانِي: أَنْ يَلْتَزِمَ عَلَى وَجْهٍ لَا يُتَعَدَّى؛ بِحَيْثُ يَفْهَمُ مِنْهُ الْجَاهِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِالْتِزَامُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِدْعَةً مَذْمُومَةً وَضَلَالَةً، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا تَكُونُ إِذًا مُسْتَحَبَّةً.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَجْرِيَ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَى الْمَعْقُولَ الْمَعْنَى وَغَيْرَهُ بِدْعَةً مَذْمُومَةً؛ كَمَنْ كَرِهَ تَنْخِيلَ الدَّقِيقِ فِي الْعَقِيقَةِ، فَلَا تَكُونُ عِنْدَهُ الْبِدْعَةُ مُبَاحَةً وَلَا مُسْتَحَبَّةً.
- وَصَلَاةُ التَّرَاوِيحِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا.
- وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي دَقَائِقَ التَّصَوُّفِ؛ فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ بِإِطْلَاقٍ، وَلَا هُوَ مِمَّا صَحَّ بِالدَّلِيلِ بِإِطْلَاقٍ، بَلِ الْأَمْرُ يَنْقَسِمُ.
وَلَفْظُ التَّصَوُّفِ لَا بُدَّ مِنْ شَرْحِهِ أَوَّلًا حَتَّى يَقَعَ الْحُكْمُ عَلَى أَمْرٍ مَفْهُومٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْمَلٌ عِنْدِ هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَلْنَرْجِعْ إِلَى مَا قَالَ فِيهِ الْمُتَقَدِّمُونَ.
وَحَاصِلُ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ لَفْظُ التَّصَوُّفِ عِنْدَهُمْ مَعْنَيَانِ:
أَحَدُهُمَا: التَّخَلُّقُ بِكُلِّ خُلُقٍ سَنِيٍّ، وَالتَّجَرُّدُ عَنْ كُلِّ خُلُقٍ دَنِيٍّ.
1 / 265