231

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ»، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. وَخَرَّجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ. فَتَأَمَّلُوا; فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا سُنَّةً; فَإِنَّ قِيَامَهُ أَوَّلًا بِهِمْ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْقِيَامِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً فِي رَمَضَانَ، وَامْتِنَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْخُرُوجِ خَشْيَةَ الِافْتِرَاضِ لَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِهِ مُطْلَقًا; لِأَنَّ زَمَانَهُ كَانَ زَمَانَ وَحْيٍ وَتَشْرِيعٍ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ إِذَا عَمِلَ بِهِ النَّاسُ بِالْإِلْزَامِ، فَلَمَّا زَالَتْ عِلَّةُ التَّشْرِيعِ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ; رَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى أَصْلِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْجَوَازُ فَلَا نَاسِخَ لَهُ. وَإِنَّمَا لَمْ يُقِمْ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ قِيَامَ النَّاسِ آخِرَ اللَّيْلِ وَمَا هُمْ بِهِ عَلَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ عِنْدَهُ مِنْ جَمْعِهِمْ عَلَى إِمَامٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ذَكَرَهُ الطَّرْطُوشِيُّ، وَإِمَّا لِضِيقِ زَمَانِهِ ﵁ عَنِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ، مَعَ شُغْلِهِ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ. فَلَمَّا تَمَهَّدَ الْإِسْلَامُ فِي زَمَنِ عُمَرَ ﵁، وَرَأَى النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْزَاعًا كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ قَالَ: لَوْ جُمِعَتِ النَّاسُ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، فَلَمَّا تَمَّ لَهُ ذَلِكَ; نَبَّهَ عَلَى أَنَّ قِيَامَهُمْ آخِرَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ. ثُمَّ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ وَإِقْرَارِهِ، وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ.

1 / 249