الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

أبو إسحاق الشاطبي ت. 790 هجري
139

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

محقق

سليم بن عيد الهلالي

الناشر

دار ابن عفان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

مكان النشر

السعودية

صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ إِلَى أَنْ قَالَ: " «يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ». فَبَيَّنَ أَوَّلًا اجْتِهَادَهُمْ، ثُمَّ بَيَّنَ آخِرًا بُعْدَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ بَيِّنٌ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ كَمَا تَقَدَّمَ، فَكُلُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ عَلَى الْبِدْعَةِ، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَعْمَلْهُ. وَيَزِيدُ عَلَى تَارِكِ الْعَمَلِ بِالْعِنَادِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ ابْتِدَاعُهُ، وَالْفَسَادِ الدَّاخِلِ عَلَى النَّاسِ بِهِ فِي أَصْلِ الشَّرِيعَةِ وَفِي فُرُوعِ الْأَعْمَالِ وَالِاعْتِقَادَاتِ، وَهُوَ يَظُنُّ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ بِدْعَتَهُ تُقَرِّبُهُ مِنَ اللَّهِ وَتُوَصِّلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ. وَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّقْلِ (الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ) بِأَنَّهُ لَا يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الْعَمَلُ بِمَا شَرَعَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شُرِعَ وَهُوَ تَارِكُهُ، وَأَنَّ الْبِدَعَ تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ وَهُوَ يَنْتَحِلُهَا. [الْبِدَعُ مَظِنَّةُ إِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ] وَأَمَّا أَنَّ الْبِدَعَ مَظِنَّةُ إِلْقَاءِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ: فَلِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّفَرُّقَ شِيَعًا، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ; حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: ١٠٥]. وَقَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].

1 / 156