ﷺ، إذ هو العمل والأصل والقرآن، وفرارًا عن الوقوع في هذه المحذورات وإخراجًا للصحابة رضوان الله عليهم من الجهالات، ولا خفاء على ذي بصيرة أن هذا هو الدين القويم والصراط المستقيم.
وأما الجواب: عما ذكروه من الأسئلة العقلية: قلنا: أما الأول: فنسلم ما ذكرتموه من المشاهد الحسية، لكن ما هو مشاهد من السواد والحمرة، والشخصيات الكسبية، فهو محدث عندنا، والحرف القديم بالقبلية والبعدية، إنما كانت باعتبار ما هو محدث من مجموع ما ذكرنا، مع كونه في هذا المحل، والحرف منفك عن هذه الأمور، فعلم أنه لا يلزم مما ذكرتم حدوثها، لا يقال الإشكال بحاله، فإن التقسيم ورد على نفس الحرف، إ‘ما أن يكون خاليًا عن العمل، أو لا يكون خاليًا عنه، فإن كان الأول فوجوده حينئذ بعد أن لم يك، فيعود الإشكال، وإن كان الثاني، فيلزم الخلاء للوجود وهو محال، لأنا نقول يكون خاليًا عنه، لكن لما كان ذاتيًا في قدمه، وعدم الوجود في هذا المحل لا ينفي الوجود، فالمنافاة إنما تقع لو وجد بعد أن لم يكن أصلًا.
الثاني: قولكم هذه الحروف يلازمها التركيب.
إن عنيتم بالتركيب أن كلمات يصدق على واحد منها لا يصدق على أخرى.
فإن قلتم: إن ذلك يستحيل على القديم.
فإن كلما يصدق على صفة من صفاته لا يصدق على أخرى.
وإن عنيتم التركيب الجسماني فلا نسلم تحقق الملازمة حينئذ كما لا يستحيل وجود موجود، لا جوهر ولا جسم ولا عرض، فلم يستحيل وجود حروف يلازمها التركيب مع ما سلف في فصل الحروف من صحة القسمة العقلية، ولئن سلمنا أنه يلازمها التركيب، فلم قلتم أنه يلزم منه حدوثها؟
قولكم: لازم المحدث محدث.
1 / 51