الثاني: يلزم منه ارتفاع التكاليف بأسرها لأنها إنما أوجبت بكلام الله تعالى، وهذا غير كلام الله ومحال أن يكون هذا غير كلام الله، فإن في فتح هذا الباب مفسدة عظيمة.
الثالث: لو لم يكن المراد ما ذكرنا، للزم منه العبث في قوله ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّه﴾ [التوبة:٦]
إذ الإجارة حينئذ تكون حاصلة بغير كلام الله، أو يلزم منه المحال، فإن سماع القائم بالنفس مع كونه قائمًا محال، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ﴾ (البقرة) (٧٥)
وقول النبي ﷺ" إن قريشًا منعتني أن أبلغ كلام الله ربي "١ وليس المراد بهذا إلا ما ذكرنا.
الرابع: لو لم يكن ما ذكرناه ثابتًا، لما ثبتت هذه الأحكام من وجوب تعظيم المصحف واحترامه، وتحريم مسه إلا على طهارة، حتى أنه نقل عن جماعة من العلماء والزهاد ﵏، أنهم ما دخلوا بيتًا فيه مصحف إلا على طهارة، لأن هذه الأمور لا تفعل طبعًا إلا لكلام الله تعالى إما بالإجماع أو الدوران، لا يقال يفعل ذلك لدلالتها على القديم، لأنا نقول: فكتب الحديث والفقه والتفسير تدل على ما يدل عليه من الحل والحرمة، والمجموع منتف عليه.
الخامس: لو لم يكن هذا المنزل غير كلام الله تعالى على الحقيقة لما انعقدت يمين الحالف به، ضرورة عدم الانعقاد بالمحدثات واليمين منعقدة فيها إذا قال: وما في المصحف من كلام الله. كيف والتحليف بالمصاحف من لدن الصحابة إلى زماننا هذا شائع بين الناس من غير إنكار فيكون ذلك إجماعًا.
السادس: لو قيل لقارئ يقرأ آية: أنه يقرأ كلام الله، لا يخطأ فيه هذه القضية
_________
١ رواه أبو داود (٤٧٣٤) والترمذي (٢٩٢٥) والنسائي في"الكبرى" (٧٧٢٧) وابن ماجة (٢٠١) وأحمد (١٤٧٧٠) والدار مي (٣٢٣٢) من حديث جابر بن عبد الله.
قال الترمذي: هذا الحديث غريب صحيح.
1 / 46