وكان يقول إن الله تعالى علما وهو عالم بعلم لقوله تعالى
ﵟوهو بكل شيء عليمﵞ
ولقوله
ﵟولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاءﵞ
وذلك في القرآن كثير وقد بينه الله عز وجل بيانا شافيا بقوله عز وجل
ﵟلكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمهﵞ
وقال
ﵟفإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم اللهﵞ
وقال
ﵟفلنقصن عليهم بعلمﵞ
وهذا يدل على انه عالم بعلم وأن علمه بخلاف العلوم المحدثة التي يشوبها الجهل ويدخلها التغير ويلحقها النسيان ومسكنها القلوب وتحفظها الضمائر ويقومها الفكر وتقويها الذاكرة وعلم الله تعالى بخلاف ذلك كله صفة له لا تلحقها آفة ولا فساد ولا إبطال وليس بقلب ولا ضمير واعتقاد ومسكن ولا علمه متغاير ولا هو غير العالم بل هو صفة من صفاته ومن خالف ذلك وجعل العلم لقبا لله عز وجل ليس تحته معنى محقق فهذا عند أحمد رضي الله عنه خروج عن الملة
وكان يقول إن لله تعالى قدرة وهي صفة في ذاته وأنه ليس بعاجز ولا ضعيف لقوله عز وجل
ﵟوهو على كل شيء قديرﵞ
وقوله تعالى
ﵟقل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكمﵞ
الآية ولقوله
ﵟفقدرنا فنعم القادرونﵞ
ولقوله تعالى
ﵟأولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوةﵞ
ولقوله تعالى
ﵟذو القوة المتينﵞ
فهو قدير قادر وعليم وعالم ولا يجوز أن يكون قديرا ولا قدرة له ولا يجوز أن يكون عليما ولا علم له
وكان يقول إن الله تعالى لم يزل مريدا والإرادة صفة له في ذاته خالف بها من لا إرادة له والإرادة صفة مدح وثناء لأن كل ذات لا تريد ما تعلم أنه كائن فهي منقوصة والله تعالى مريد لكل ما علم أنه كائن وليست إرادته كإرادات الخلق وقد أثبت ذلك لنفسه فقال
ﵟإنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكونﵞ
وقال تعالى
ﵟإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكونﵞ
فلو كانت إرادته مخلوقة لكانت مرادة بإرادة أخرى وهذا مالا يتناهى وذلك في القرآن كثير وقد دلت العبرة على أن من لا إرادة له فهو مكره
صفحة ٢٩٥