318

اعتلال القلوب

محقق

حمدي الدمرداش

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

مكان النشر

مكة المكرمة

٧٩٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ آلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵇ يَهْوَى جَارِيَةً، فَطَالَ ذَلِكَ بِهِ، فَقَالَ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: " قَدْ شَغَلَتْنِي هَذِهِ عَنْ ضَيْعَتِي، وَعَنْ كُلِّ أَمْرِي قَالَ: فَاذْهَبْ بِنَا حَتَّى نُكَاشِفَهَا، فَقَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ السُّلُّوِّ. قَالَ: فَأَتَيْنَاهَا، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَالَ الْجَعْفَرِيُّ: أَتُغَنِّينَ: [البحر الوافر] وَكُنْتُ أُحِبُّكُمْ فَسَلَوْتُ عَنْكُمْ ... عَلَيْكُمْ فِي دِيَارِكُمُ السَّلَامُ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنِّي أُغَنِّي: [البحر الوافر] تَحَمَّلَ أَهْلُهَا مِنْهَا فَبَانُوا ... عَلَى آثَارِ مَا ذَهَبَ الْعَفَاءُ قَالَ: فَاسْتَحْيَا الْفَتَى وَأَطْرَقَ سَاعَةً، فَازْدَادَ كَلَفًا، ثُمَّ قَالَ لَهَا: تُغَنِّينَ: [البحر الطويل] وَأَخْنَعُ لِلْعُتْبَى إِذْا كُنْتُ ظَالِمًا ... وَإِنْ ظُلِمْتُ كُنْتُ الَّذِي أَتَنَصَّلُ قَالَتْ: وَأَغْنِي: [البحر الطويل] فَإِنْ تُقْبِلُوا بِالْوُدِّ أُقْبِلْ بِمِثْلِهِ ... وَإِنْ تَهْجُرُوا فَالْهَجْرُ مِنَّا يُعْلَمُ قَالَ: فَتَقَاطَعَا وَتَوَاصَلَا وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِمَا أَحَدٌ
٧٩٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ وَبَرَةَ الْمِنْقَرِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِهِنْدٍ بِنْتِ الْوَضَّاحِ الْمَنْقِرِيَّةِ: أَنْشِدِينِي بَعْضَ مَا قُلْتِ فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: وَلَمْ يَرَ النَّاسُ ⦗٣٨٢⦘ أَحَدًا بَلَغَ مِنَ الْهَوَى مَا بَلَغَ بِهَا قَالَ: فَأَنْشَدَتْنِي: " [البحر الطويل] يَحِنُّ إِلَى مَنْ بِالْعَقِيقَيْنِ قَلْبُهُ ... حَنِينًا يُبَكِّي الْوَرْقَ فِي غُصْنِ السِّدْرِ تَيَقَّنْتُ لَمَّا هَاجَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ ... فَأَمْسَكْتُ مِنْ خَوْفِ الْحَرِيقِ عَلَى صَدْرِي وَوَاللَّهِ لَوْ فَاضَتْ عَلَى الْجَمْرِ لَوْعَتِي ... لَأَحْرَقَ أَدْنَى حَرِّهَا لَهَبُ الْجَمْرِ قُلْتُ: يَا هَذِهِ، أَكَلُّ هَذَا مِنَ الْحُبِّ؟ قَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتَنِي وَعُنْفُوَانِ هَوَايَ، لَرَأَيْتَ جَبَلًا يَذُوبُ لِحَرَارَتِهِ الْحَدِيدُ، وَلَقَدْ عَذَلَنِي بَعْضُ مَنْ يَغُمُّهُ مَا بِي، فَقُلْتُ: [البحر الطويل] لَحَا اللَّهُ مَنْ يَلْحَى عَلَى الْحُبِّ عَاشِقًا ... وَلَا كَانَ فِي قُرْبٍ وَلَا زَالَ فِي بُعْدِ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ أَنْ تَدَانَا وِصَالُنَا ... فَإِنْ تَمَّ مَا كُنَّا نُسِرُّ مِنَ الْوَجْدِ وَتَنَفَّسَتْ، فَحَسَسْتُ عَلَى بَدَنِي مِنْ حَرَارَةِ نَفَسِهَا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا النَّفَسُ؟ فَقَالَتْ: عَلَى حَلَاوَةِ ذَلِكَ الدَّهْرِ وَرُطُوبَةِ أَغْصَانِهِ، وَإِنِّي وَإِيَّاهُ لَكَمَا قَالَتْ هَالَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ التَّمِيمِيَّةُ: [البحر الوافر] أُرَانِي قَدْ حَيِيتُ وَكُنْتُ مَيْتًا ... إِذَا طَرَقَ الْخَيَالُ بِمَنْ هَوِيتُ رَضِيتُ ذَهَابَ نَفْسِيَ فِي هَوَاهُ ... رَضِيتُ بِذَاكَ يَا رَبِّي رَضِيتُ قَالَ: فَلَمْ أُعِدْ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنَ السُّؤَالِ خَوْفًا مِنْ وَفَاتِهَا

2 / 381