210

* ولما حضر عمر بن عبدالعزيز الموت فقالوا له: اعهد إلينا فقال: إني أحذركم مثل مصرعي هذا، فإنه لا بد لكم منه فإذا وضعتموني في لحدي وسويتم اللبن علي فانزعوا منها لبنة وانظروا ماذا لحقني من دنياكم.

* يحيى بن معاذ: مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد في ماله عند موته قيل له: ما هما؟ قال: يؤخذ ماله منه كله، ويسئل عنه كله.

* ولما احتضر عبد الله بن المبارك وبلغ النزع، فتح عينيه إلى السماء فضحك، وقال:?لمثل هذا فليعمل العاملون ?[الصافات:61].

* وبكى عامر بن عبد الله وهو يكابد النزع فقيل له: في ذلك. فقال : لست أبكي على الدنيا، ولا من الموت، ولكن لطول مكثي في التراب بغير ظمأ الهواجر، وسهر الليالي.

* مكحول الشامي لا يوجد إلا باكيا، فدخل عليه وهو في مرضه الذي مات منه، وهو يضحك، فقيل له: في ذلك. قال: ولم لا أضحك وقد دنى مني فراق من كنت أحذره، وسرعة القدوم على من كنت أرجوه وأؤمله.

* مصنفه: أيها المغرور تنبه من رقدة الغافلين، وشمر الساق فإن الدنيا ميدان السابقين، وتحرز عن دفع الأيام بتسويف الأماني، وخدع الآمال. أما ترى الموت كيف يحول بين المرء وبين أهله، ويحول بينه وبين عمله؟ ولا يلوي على غضاضة شباب ولا هرم ولا رضيع ولا مراهق، ولا يهاب الملوك لثروتهم، ولا يحقر الفقراء لفاقتهم، إلى متى أفعل كذا أسافر ثم أرجع ؟ وليس في حساب أعمالك لقاء ملك الموت وسفر الآخرة، والحلول بأرض الساهرة، والغيبة التي لا رجعة لها، وما الأمان عن أن تكون صبيحتك صبيحة من لا عشية له ، أو عشيتك عشية من لا صبيحة له، استوجب فيها النار وإلى متى تسير بتجدد الأيام عليك ومهل الأهله، أوليس هو هدم عمرك؟ وانقضاء دهرك؟ وتقارب ما لابد لك ولكل أحد منه؟ وهل ترضى من نفسك لنفسك بما أنت فيه؟.

* لبعضهم:

صفحة ٢٤٢