الإعتبار وسلوة العارفين
تصانيف
* مصنفه: فانظر وفقك الله في شأنهم وسبرهم أعقبهم محمدة الدنيا، فكيف أنت بهم في محمدة الآخرة تعلموا لله تعالى، وأخلصوا له، فشاعت بركاتهم، ومنافع علومهم مشارق الأرض ومغاربها، ودان بها أهلها، وعظم بذلك محلها، فصاروا نقاد الدين وجهابذته، وصيارفة الشرع، سرج الحق يستضاء بهم، وأئمة فكانوا، كما قال الله تعالى :?وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين? [الأنبياء:73]. وأنت إن جعلت علمك مرقاة إلى نيل الحطام، وسلما لخلاف سنة الكرام، أصبحت والعلم وبال عليك، خاسر الصفقة، مغبون الحظين، لا للدنيا ولا للآخرة، فأنصف نفسك قبل أن ينتصف منها، ولأن تكون ذليل الدنيا، خير من أن تكون ذليل الآخرة، ولأن يصلح بك خير من أن يفسد بك، وما يفسد بك أكثر مما يصلح بهم.
* وبلغني، عن سعيد بن المسيب: كان يتجر في الزيت، ويقول: إن في هذا لغنى عن هذا - يعني: السلطان -.
* وروى، أبو سعيد التنوخي: سمعت مكحولا، يقول: لو خيرت بين القضاء، وبين ضرب عنقي، لاخترت ضرب عنقي على القضاء.
* وكان الثوري يقول: لا يكون في هذا الزمان إماما ولا مؤذنا، وإذا دفع إليك مال لتقسمه فلا تقسمه.
* محمد بن واسع: أول من يدعى إلى الحساب يوم القيامة القضاة. ودخل على شقيق بن ثور وهو محتضر. فقال: ياليتني لم أكن سيد قومي، كم من باطل قد حققناه، وكم من حق قد أبطلناه!!
* وقال ابن عيينة: سمعت مناديا ينادي على قبيس: الأمان للأسود والأبيض، وما خلا اثنين: فلان الزنديق، وشقيق الثوري، هذا لامتناعه عن تقليد أمرهم.
* وعن الثوري: إن المنصور بن المعتمر أخذه داود بن علي فأقامه حتى ورمت قدماه، فدفع إليه العهد فوضعه في كوة بيته، فلم يخرج حتى مات.
صفحة ١٥٢