الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

الحازمي ت. 584 هجري
8

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

الناشر

دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٥٩ هـ

مكان النشر

الدكن

تصانيف

الحديث
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَلَى مَا إِذَا شَهِدَ عِنْدَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ فَهُوَ خَيْرُ الشُّهُودِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَالَ فِي طَرِيقِ الْجَمْعِ رَفْعًا لِلتَّضَادِّ عَنِ الْأَخْبَارِ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ، وَهُمَا حُكْمَانِ مُنْفَصِلَانِ نَظَرْتَ: هَلْ يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ السَّابِقِ وَالتَّالِي؟ فَإِنْ تَمَيَّزَ أُوجِبَ الْمَصِيرُ إِلَى الْآخَرِ مِنْهُمَا. وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَمَارَاتِ عِدَّةٌ: مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ لَفْظُ النَّبِيِّ ﷺ مُصَرِّحًا بِهِ نَحْوَ قَوْلِهِ ﵇: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلَا فَزُورُوهَا. أَوْ يَكُونَ لَفْظُ الصَّحَابِيِّ نَاطِقًا بِهِ، نَحْوُ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵁: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ التَّارِيخُ مَعْلُومًا نَحْوَ مَا رَوَاهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ﵁ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ أَحَدُنَا فَأَكْسَلَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ: يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، وَلْيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لْيُصَلِّ. هَذَا حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا غُسْلَ مَعَ الْإِكْسَالِ، وَأَنَّ مُوجِبَ الْغُسْلِ الْإِنْزَالُ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَقْرَأْنَا طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ أَفَادَنَا بَعْضُ الطُّرُقِ أَنَّ شَرْعِيَّةَ هَذَا كَانَ فِي مَبْدَأِ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِزَمَانٍ. ثُمَّ وَجَدْنَا الزُّهْرِيَّ قَدْ سَأَلَ عُرْوَةَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَغْتَسِلُ. وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالْغُسْلِ. وَمِنْهَا: أَنْ تَجْتَمِعَ الْأُمَّةُ فِي حُكْمِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، فَهَذِهِ مُعْظَمُ أَمَارَاتِ النَّسْخِ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ زِيَادَاتٌ أُخَرُ نَحْوُ حُسْنِ الظَّنِّ بِالرَّاوِي، وَهُوَ كَمَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ؛ فَإِنَّهُ رَوَى الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ: إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَأَهْرِقْهُ، ثُمَّ اغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَاعْتَمَدَ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ، وَتَرَكَ الْأَحَادِيثَ الثَّابِتَةَ فِي الْوُلُوغِ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَسْخِ السَّبْعِ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ؛

1 / 8