الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

الحازمي ت. 584 هجري
19

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار

الناشر

دائرة المعارف العثمانية - حيدر آباد

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٥٩ هـ

مكان النشر

الدكن

تصانيف

الحديث
إِذَا كَانَ مَعْنَاهُ لَائِقًا بِاللَّفْظِ. الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ قَوْلًا وَالْآخَرُ فِعْلًا، فَالْقَوْلُ أَبْلَغُ فِي الْبَيَانِ؛ وَلِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي كَوْنِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ حُجَّةً، وَاخْتَلَفُوا فِي اتِّبَاعِ فِعْلِهِ؛ وَلِأَنَّ الْفِعْلَ مَا يَدُلُّ لِنَفْسِهِ عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِ الْقَوْلِ فَيَكُونُ أَقْوَى. الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مُخَصِّصًا، وَالثَّانِي لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ، فَمَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ يُضْعِفُ اللَّفْظَ وَيَمْنَعُهُ مِنْ جَرَيَانِهِ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَيَصِيرُ مَجَازًا عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَدْخُلْهُ التَّخْصِيصُ فَيَكُونُ أَقْوَى. الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مُشْعِرًا بِنَوْعِ قَدْحٍ فِي أَحْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالثَّانِي لَا يُوهِمُ ذَلِكَ، نَحْوَ مَا رَوَاهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الصَّحَابَةَ بِإِعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ مِنَ الْقَهْقَهَةِ فِيهَا، وَرَوَوْا أَيْضًا بِإِزَائِهِ حَدِيثَ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ وَمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقْتَضِي الْقَدْحَ فِي حَالِ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ أَجَلُّ مَنْصِبًا مِنْ ذَلِكَ دُونَ الْحَدِيثِ الثَّانِي، فَيَجِبُ تَقْدِيمُ مَا لَا يُوجِبُ ذَلِكَ. الْوَجْهُ الْأَرْبَعُونَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَدِيثَيْنِ مُطْلَقًا، وَالْآخَرُ وَارِدًا عَلَى سَبَبٍ، فَيَتَقَدَّمُ الْمُطْلَقُ لِظُهُورِ أَمَارَاتِ التَّخْصِيصِ فِي الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ، فَيَكُونُ أَوْلَى بِإِلْحَاقِ التَّخْصِيصِ بِهِ، وَعَلَى هَذَا يُقَدَّمُ قَوْلُهُ ﵇: مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ عَلَى نَهْيِهِ ﷺ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ وَارِدٌ عَلَى سَبَبٍ فِي الْحَرْبِيَّةِ. الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: فِي تَرْجِيحِ دِلَالَةِ الِاشْتِقَاقِ عَلَى أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ﵇: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ ظَاهِرُ اللَّفْظِ يَتَنَاوَلُ مُجَرَّدَ اللَّمْسِ مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ الشَّهْوَةِ إِلَيْهِ؛ نَظَرًا إِلَى جِهَةِ الِاشْتِقَاقِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ

1 / 19