الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ
محقق
سالم بن غتر بن سالم الظفيري
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
سَبَبِ تَوَقُّفِهِ، فَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ رَآهُ بِأَرْضِ الطَبَّالَة (^١) -الَّتِي هِيَ مَحَلُّ كَثِيرٍ مِنَ الْقَاذُورَاتِ - فَقَالَ: يَا مَوْلَانَا، قَدْ كُنْتُ بِهَا فِي ضَرُورَةٍ غَيْرِ قَادِحَةٍ، فَمَا بَالُكُمْ كُنْتُمْ بِهَا! فَبَادَرَ إِلَى قَبُولِهِ وَالرَّقْمِ لِشَهَادَتِهِ.
وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِطَرِيقِ النَّقْلِ؛ حَتَّى لَا يَجْزُمَ إِلَا بِمَا يَتَحَقَّقُهُ.
فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مُسْتَنَدٌ مُعْتَمَدٌ فِي الرِّوَايَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ النَّقْلُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ" (^٢) وَلِيَكُونَ بِذَلِكَ مُتَحَرِّزًا عَنْ وُقُوعِ الْمُجَازَفَةِ وَالْبُهْتَانِ وَالِافْتِيَاتِ وَالْعُدْوَانِ، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَلَا يُبْصِرُ، وَيَنْفِرُ عَنْ تَارِيخِهِ الْعُقَلاءُ وَالعُلَمَاءُ وَالنُّبَلَاءُ وَالْحُكَمَاءُ، وَلَا يَرْغَبُ فِيهِ إِلَّا مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَفْحَشُ، بَلْ رُبَّمَا تَكُونُ مُجَازَفَتُهُ آيِلَةً مَعَهُ أَيْضًا إِلَى الْتَّرْكِ وَالسُّقُوطِ فِي الْحُشِّ.
وَلَا يَكْتَفِي (^٣) بِالنَّقْلِ الشَّائِعِ، خُصُوصًا إِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ مِنَ الطَّعْنِ فِي حَقِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالصَّلَاحِ. بَلْ إِنْ كَانَ فِي الوَاقِعَةِ أَمْرٌ قَادِحٌ فِي حَقِّ الْمَسْتُورِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَلَّا يُبَالِغَ فِي إِفْشَائِهِ، وَيَكْتَفِيَ بِالإِشَارَةِ لِئَلَّا يَكُونَ الْمَذْكُورُ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ، فَإِذَا ضُبِطَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ عَارُهَا أَبَدًا، وَإِلَى ذَلِكَ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ الشَّارِعِ: "أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ [إِلَّا فِي الحُدُودِ] " (^٤).
وَكَذَا يَتَجَنَّبُ التَّعَرُّضَ لِلْوَقَائِعِ الْمُنْقِصَةِ الصَّادِرَةِ فِي شُبُوبِيَّةِ مَنْ صَيَّرَهُ اللهُ
(^١) هي: أرض خارج القاهرة تُعْرف بذلك. انظر: الزبيدي، تاج العروس، ١٥/ ٤٢٩. (^٢) صحيح. أخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه" (٨)، وأبو داود في "سننه" (٤٩٩٢) عن أبي هريرة مرفوعًا. وانظر: الألباني، الصحيحة، رقم: ٢٠٢٥. (^٣) في ق، ز: يكفي. (^٤) أخرجه أبو داود في "سننه" (٤٣٧٥) وغيره عن عائشة مرفوعًا. وقواه الألباني بطرقه. انظر: الصحيحة، رقم: ٦٣٨. والزيادة من: السخاوي، المقاصد الحسنة، ص ٩٨.
1 / 232