الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ
محقق
سالم بن غتر بن سالم الظفيري
الناشر
دار الصميعي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
قُلْتُ: وَهَذَا مُشَاهَدٌ، فَغَالِبُ مَنْ يُنْكِرُ هَذَا وَشِبْهَهُ يَكُونُ مُتَلَوِّثًا بِالْقَاذُورَاتِ، أَوْ مُشْتَمِلًا عَلَى الضَّغِينَةِ وَالْحَسَدِ وَشِبْهِهِمَا مِنْ الْبَلِيَّاتِ، وَرُبَّمَا يَكُونُ غَافِلًا عَمَّا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَقَالَاتِ، أَوْ عَنْ إِدْرَاجِهِ فِي النَّصَائِحِ الْعَامَّاتِ.
وَقَدْ رَدَّ شَيْخُنَا ﵀ عَلَى مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الْغِيبَةِ، حَيْثُ قَالَ فِي الصَّدْرِ ابْنِ الْأَدَمِيِّ (^١) أَحَدِ خَوَاصِّهِ وَأَصْحَابِهِ مَا نَصُّهُ:
"وَكَانَ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، مُتَجَاهِرًا بِمَا لَا يَلِيقُ بِالْفُقَهَاءِ، وَقَدْ أُصِيبَ مِرَارًا، وَامْتُحِنَ، وَلَمَّا مَدَّ اللهُ تَعَالَى لَهُ العَطَاءَ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ النَّعْمَاءَ، لَمْ يُقَابِلْهَا بِالشُّكْرِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ ذِكْرُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِنَ الغِيبَة! بَلْ قَالَ مَرَّةً: (إِنَّ الزَّاعِمَ أَنَّ هَذَا غِيبَةٌ) (^٢) إِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلْيُعَلَّمْ، فَإِنْ أَصرَّ فَلْيُؤَدَّبْ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الزَّجْرِ، حَتَّى يَرْجِعَ عَنِ الطَّعْنِ فِي الْبَرِيءِ، وَالذَّبِّ عَنِ الْمُجْتَرِئِ، وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ -أَيَّدَهُ اللهُ تَعَالَى- عَلَى ذَلِكَ" انْتَهَى.
وَهُوَ كَلَامٌ مُعْتَمَدٌ.
وَتَبِعَهُ فِي فَتْوَاهِ القَايَاتِيُّ، وَأَنَّهُ مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي يُثَابُ مُرْتَكِبُهَا، وَيَكُونُ آتِيًا بِفَرْضِ كِفَايَةٍ، وَقَدْ قَامَ بِوَاجِبٍ أُسْقِطَ بِهِ الْحَرَجُ عَنْ غَيْرِهِ، قَالَ:
"وَمِنْ هُنَا قِيلَ: إِنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ يَفْضُلُ القِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ".
وَقَالَ ابْنُ الدَّيْرِيِّ الْحَنَفِيُّ:
"مِنْهُمْ لَا يُنْكِرُ عَلَى مَنْ سلَكَ فِي ذَلِكَ مَسْلَكَ أَهْلِ الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ، وَتَجَنَّبَ
(^١) هو: علي بن محمد بن محمد الدمشقي، أديب، فقيه (ت ٨١٦ هـ). انظر: ابن حجر، إنباء الغمر، ٣/ ٢٧؛ السخاوي، الضوء، ٦/ ٨. (^٢) في ق، ز: إن هذا الزاعم أنه غيبة.
1 / 196