66

ثم حارب الملك شلمناصر الرابع الحماتيين جملة حروب ، وفي سنة 860 قبل التاريخ المسيحي جيش في نينوى جيشا عظيما وقطع به نهر الخابور ونهر البليق ثم مضى إلى مدينة بتيرا أو بتيروا ، هذا ما كتب في تاريخ نينوى بالقلم المسماري ، ومن مدينة بيترا قطع نهر الساجور وأتى مدينة قاركمش وملكها.

وفي السنة نفسها أتى مدينتي آتا وباكا وملكهما ومن هناك قسم جيشه جيشين الجيش الواحد أتى مدينتي عزاز وأرفاد وهما الآن ضيعتا عزاز وتل أرفاد والجيش الآخر أتى مدينة هلبون وهي حلب وملكها ، ومن حلب أتى حماة وملكها. وأما جيش اعزاز وأرفاد فإنه قطع نهر عفرين واجتمع بجيش حماة ، وبعد ما ملك شلمناصر الرابع كل هذه البلاد وكسر الحماتيين رجع نينوى وبقيت الملوك الحماتية تحت سلطة الملوك البابليين إلى أن أتى ملوك العجم والساسانيين وملكوا نينوى. ثم أتت العجم واستولت على هذه البلاد وأخرجت البابليين منها وبقيت بأيديهم إلى أن أتى الإسكندر وأخذها منهم فصارت مسكنا للروم اليونانيين. فكانوا يقولون للمدينة حلبا ولما حولها خالبن بالخاء المعجمة وذلك لأن الحاء لم يستعملوها في لغتهم فأبدلوها بالخاء المعجمة ، وأيضا كانوا يقولون لها برويا قيل سماها اليونانيون برويا لأنها تشبه إحدى مدنهم المسماة بهذا الاسم.

ثم إن الروم استولوا عليها وأخذوها من اليونانيين هي وسوريا وأنطاكية وجعلوها تختا لكرسي مملكتهم.

وفي سنة مائة وسبع أو سبع عشرة من التاريخ المسيحي أمر الإمبراطور ترايان اللاتيني بضرب السكة في حلب فشرعوا فيها ، وكان مرسوما على أحد جانبيها صورة الإمبراطور وعلى الجانب الآخر ( برويا ) وهو اسم حلب كما قدمنا بالقلم اليوناني.

ثم إن السيلاكيديين أولاد سليكس اليونانيين أرادوا أن يزيدوا في بناء حلب ويوسعوها لمحبتهم لها وطيب هوائها وعذوبة مائها فلم يمكنهم ذلك لأن القوافل التي كانت تأتي من البحر إلى الفرات ومن الفرات إلى البحر كان طريقها إلى قنسرين ولم تكن حلب حينئذ ممرا لهم لأنها كانت صغيرة جدا ولم يوجد بها ما يوجد في قنسرين من صناعات وغيرها ، فلذا تركوا توسيعها لأن قنسرين كانت محطا لرحال التجار وتقصدها القوافل والركبان ، حتى إن تجار أوروبا كانت تأتي إليها من السويدية في طريق أنطاكية وتأتي إليها تجار العجم من الفرات

صفحة ٨٨