وقال الثعالبي في يتيمة الدهر : حكى ابن لبيب غلام أبي الفرج الببغا أن سيف الدولة كان قد أمر بضرب دنانير للصلات في كل دينار منها عشرة مثاقيل وعليها اسمه وصورته ، فأمر يوما لأبي الفرج منها بعشرة دنانير فقال ارتجالا :
نحن بجود الأمير في حرم
نرتع بين السعود والنعم
وقال فيها أيضا : استنشد سيف الدولة يوما أبا الطيب المتنبي قصيدته التي أولها :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وكان معجبا بها كثير الاستعادة لها ، فاندفع أبو الطيب ينشدها ، فلما بلغ قوله فيها :
وقفت وما في الموت شك لواقف
كأنك في جفن الردى وهو نائم
قال : قد انتقدنا عليك هذين البيتين كما انتقد على امرىء القيس بيتاه :
كأني لم أركب جوادا للذة
ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال
وبيتاك لا يلتئم شطراهما كما ليس يلتئم شطر هذين البيتين ، كان ينبغي لامرىء القيس أن يقول :
كأني لم أركب جوادا ولم أقل
لخيلي كري كرة بعد إجفال
ولك أن تقول :
وقفت وما في الموت شك لواقف
ووجهك وضاح وثغرك باسم
صفحة ٢٥٥