233

وقال الثعالبي في يتيمة الدهر : حكى ابن لبيب غلام أبي الفرج الببغا أن سيف الدولة كان قد أمر بضرب دنانير للصلات في كل دينار منها عشرة مثاقيل وعليها اسمه وصورته ، فأمر يوما لأبي الفرج منها بعشرة دنانير فقال ارتجالا :

نحن بجود الأمير في حرم

نرتع بين السعود والنعم

وقال فيها أيضا : استنشد سيف الدولة يوما أبا الطيب المتنبي قصيدته التي أولها :

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكرام المكارم

وكان معجبا بها كثير الاستعادة لها ، فاندفع أبو الطيب ينشدها ، فلما بلغ قوله فيها :

وقفت وما في الموت شك لواقف

كأنك في جفن الردى وهو نائم

قال : قد انتقدنا عليك هذين البيتين كما انتقد على امرىء القيس بيتاه :

كأني لم أركب جوادا للذة

ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال

وبيتاك لا يلتئم شطراهما كما ليس يلتئم شطر هذين البيتين ، كان ينبغي لامرىء القيس أن يقول :

كأني لم أركب جوادا ولم أقل

لخيلي كري كرة بعد إجفال

ولك أن تقول :

وقفت وما في الموت شك لواقف

ووجهك وضاح وثغرك باسم

صفحة ٢٥٥