خطبة الكتاب
الإعلام بما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام تأليف الإمام الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بن المعلم أبي عبد الله العكبري البغدادي 336- 413 ه
صفحة ١٣
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله على ما أولى وأبلى ونسأله التوفيق لما قرب منه وأزلف لديه وأحظى وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى وعلى أهل بيته الأصفياء وسلم كثيرا.
أما بعد أدام الله للسيد الشريف التأييد ووصل له التوفيق والتسديد فإني
صفحة ١٥
ممتثل ما رسمه من جمع ما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام الشرعية على الآثار المجتمع عليها بينهم عن الأئمة المهدية من آل محمد(ص)مما اتفقت العامة على خلافهم فيه من جملة ما طابقهم عليه جماعتهم أو فريق منهم على حسب اختلافهم في ذلك لاختلافهم في الآراء والمذاهب لتنضاف إلى كتاب أوائل المقالات في المذاهب المختارات ويجتمع بهما للناظر فيهما علم خواص الأصول والفروع ويحصل له منهما ما لم يسبق أحد إلى ترتيبه على النظام في المعقول
صفحة ١٦
وأنهما ليسا من الأشياء الناقضة للطهارة وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا أن المذي والوذي ينقضان على كل حال الطهارة ويجب منهما الوضوء كما يجب من البول وأشباهه مما يرفع الطهارة
[باب الطهارة]
القول في الحيض والاستحاضة والنفاس
أما الحيض والاستحاضة فلم أر للعامة إجماعا على خلاف ما اتفقت الإمامية عليه من أحكامهما بل وجدت أقوالهم في ذلك على الاختلاف.
وأما النفاس فإن الإمامية متفقة في ذلك على أن مدة زمانه لا تتجاوز
صفحة ١٧
إحدى وعشرين يوما وإن كانت رواياتهم في حد غايته بظاهر الاختلاف والعامة مجتمعة على خلاف ما ذكرنا ومتفقة على أن زمان النفاس يزيد على إحدى وعشرين يوما وإن كان لهم في حده أيضا اختلاف
القول فيما يحل للحائض والنفساء والجنب من قراءة القرآن
واتفقت الإمامية على أن ممن ذكرناه له أن يقرا من القرآن كله ما شاء بينه وبين سبع آيات سوى أربع سور فإنه لا يجوز له أن يقرا منها شيئا إلا وهو على خلاف حاله في الحدث وانتقاله إلى الطهارات وهي سجدة لقمان وحم السجدة والنجم و اقرأ باسم ربك الذي خلق وهذه السور عندهم بلا اختلاف يجب في قراءتها السجود على العزم دون
صفحة ١٨
الاستحباب.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وإن كان بينهم في حكم قراءة القرآن لمن ذكرناه وعزائم السجدات اختلاف
باب ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه في تغسيل الأموات وتحنيطهم وتكفينهم وأركانهم الأكفان
جميع ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه في هذا الباب ستة أشياء منها قول الإمامية في توجيه الميت عند غسله إلى القبلة ملقى على ظهره وتبديعهم من خالف ذلك.
صفحة ١٩
ومنها قولهم أن الحنوط هو الكافور خاصة دون سائر الطيب وأنه لا يجوز التحنيط بغيره.
ومنها قولهم أن أقل مقداره عند الوجود له والإمكان مثقال.
ومنها قولهم في الجريدتين وأن السنة وضعهما مع الميت في الأكفان.
ومنها قولهم في حطه وإمهاله قبل إنزاله إلى القبر قرب شفيره ليأخذ
صفحة ٢٠
أهبته للسؤال.
ومنها تلقينهم الميت في قبره قبل وضع اللبن عليه سنة يأثرونها عن النبي(ص)وعترته (ع).
والعامة مجتمعة على خلافهم فيما اتفقوا عليه من هذه الأشياء ومختلفون فيما سواها من هذا الباب فلبعضهم فيه خلاف ولبعضهم فيه وفاق
[باب الصلاة]
باب ما اتفقت الإمامية عليه مما اجتمعت العامة على خلافه من الأذان
واتفقت الإمامية على أن من ألفاظ الأذان والإقامة للصلاة حي على خير العمل وأن من تركها متعمدا في الإقامة والأذان من غير اضطرار فقد خالف السنة وكان كتارك غيرها من حروف الأذان ومعهم في ذلك روايات متظافرة عن رسول الله(ص)وعن الأئمة من عترته (ع).
صفحة ٢١
وأجمعت العامة فيما بعد أعصار الصحابة على خلاف ذلك وأنكروا أن يكون السنة فيما ذكرناه
باب القول فيما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه في الصلوات
واتفقت الإمامية على أن السنة في افتتاح فرائض الصلوات بسبع تكبيرات.
وأجمعت العامة على رفع السنة في ذلك ولم يوافق أحد من متفقهيهم للإمامية فيما ذكرناه.
واتفقت الإمامية على إرسال اليدين في الصلاة وأنه لا يجوز وضع إحداهما على الأخرى كتكفير أهل الكتاب وأن من فعل ذلك في الصلاة أبدع وخالف سنة رسول الله(ص)والأئمة الهادين من أهل بيته (ع).
صفحة ٢٢
وأنكروا ما تعلقت به العامة في هذا الباب من حديث أبي هريرة لتهمته في الحديث وتكذيب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)له وتكذيب عمر وعائشة له أيضا فيما كان يرويه من مناكير الأخبار ولعدم الثقة بروايته عن أبي هريرة أيضا وكون الحديث به مضطرب الإسناد.
واتفقت الإمامية على أنه لا يجوز التلفظ بآمين في الصلاة وأن ما يستعمله العامة من ذلك في آخر أم الكتاب بدعة في الإسلام ووفاق
صفحة ٢٣
لكفار أهل الكتاب.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا أنه سنة في الصلاة مع اختلافهم في الجهر به والإخفات.
واتفقت الإمامية على أنه لا يجوز القراءة في فرائض الصلاة ببعض سورة وإن قرأ قبلها فاتحة الكتاب ولا يجوز الجمع بين قراءة سورتين فيما بعد فاتحة الكتاب وأن من فعل ذلك فقد أبدع وخالف سنة النبي ص. وأجمعت العامة على خلاف ذلك وأجازوا القراءة في الفرائض بما
صفحة ٢٤
ذكرناه.
واتفقت الإمامية على أنه لا يجوز السجود إلا على الأرض الطاهرة أو ما أنبتت الأرض سوى الثمار وأنه لا يجوز السجود على ثوب منسوج وإن كان أصله من النبات إلا عند الحاجة إليه والاضطرار.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا أن السجود جائز على كل ما جاز فيه الصلاة ولجئوا في تجويز ذلك إلى القياس ونحوه من النظر والرأي.
واتفقت الإمامية على أن السنة في نوافل الليل والنهار يزيد في العدد على ما اجتمعت عليه في الحد والمقدار.
صفحة ٢٥
واتفقت الإمامية على أن الإجماع في نوافل ليالي شهر رمضان بدعة حدثت بعد النبي(ص)وأن السنة بذلك التطوع بها على الانفراد.
وأجمعت العامة على أن هذا الإجماع ليس ببدع في الدين وإن اختلفوا في كونه سنة ومستحبا واعتمدوا في ذلك على صنيع عمر بن الخطاب. واتفقت الإمامية على تبديع العامة فيما يختارونه من صلاة
صفحة ٢٦
الضحى ورووا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته عليهم أجمعين السلام في ذلك أخبارا تؤيد ما ذكرناه.
وأجمعت العامة على تبديع الإمامية في تبديعهم بما وصفناه
القول في سجدتي الشكر والتعفير بعدهما في أعقاب الصلوات
اتفقت الإمامية على أن سجدتي الشكر والتعفير بعدهما في أعقاب الصلوات فضل جاءت به السنة عن النبي(ص)وعمل به الأئمة من عترته (ع).
صفحة ٢٧
وأجمعت العامة على إنكار السنة فيه وإن كان فيهم من يروي سجدة الشكر وحدها دون التعفير الذي ذكرناه وفيهم من لا يعزم على تبديع المعفر لشكه في صوابه وتوقفه في الحكم عليه بضد الصواب
القول في عدد من تجب بحضورهم المصر صلاة الجمعة والعيدين على الاجتماع
واتفقت الإمامية على أن أقل من يجب بحضوره المصر الاجتماع لصلاة الجمعة خمسة نفر من الرجال الأحرار المسلمين الذين ليسوا مسافرين ولا مرضى ولا عاجزين وأقل من يجب بحضوره المصر صلاة العيدين سبعة نفر ممن ذكرناه.
وأجمعت العامة على خلاف هذا التحديد وإن كانوا في العدد والحد مختلفين
صفحة ٢٨
القول في من لا يصلح للإمامة في الجمعة والعيدين من الأحرار البالغين من المسلمين وإن كانوا على ظاهر العفاف والستر الجميل
واتفقت الإمامية على أنه لا يصلح للإمامة في الجمعة والعيدين أبرص ولا مجذوم ولا مفلوج ولا محدود وإن صلح للإمامة في غير ما عددنا من الصلاة.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا أن يقدم جميع ما ذكرناه في هذين الموطنين إذا كانوا يحسنون للإمامة من غير محظور وتعلقوا في ذلك بالرأي ولم يلجئوا فيه إلى أثر مذكور
القول في صلاة الكسوف
واتفقت الإمامية على أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة منها
صفحة ٢٩
خمسة ركوعات.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وإن اختلفوا في عدد الركوع في كل ركعة من هذه الصلاة.
واتفقت الإمامية على أن من ترك صلاة الكسوف متعمدا قضاها من بعد وعليه من جهة السنة غسل إن كان احترق القرص كله يستعمله قبل القضاء ليكون كفارة لترك الصلاة فيما مضى.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وأنكروا السنة في الغسل لذلك كما وصفناه
القول في الصلاة على الأموات
واتفقت الإمامية على أن التكبير في الصلاة على موتى المؤمنين خمس تكبيرات من نقص منها شيئا خالف بذلك السنة وأبدع في شرع
صفحة ٣٠
الإسلام.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا على أن من كبر أربعا فلم يخط السنة ولا أتى بدعة وإن كان كثير منهم يجيز تكبير الخمس على الموتى ويقر بأن من فعله كان موافقا لسنة من سنن رسول الله (ص).
واتفقت الإمامية على أن الخروج من الصلاة على الموتى بغير تسليم إلا أن يحتاج الإمام إليه لإيذان المؤتمين به أو التقية أو الاضطرار.
وأجمعت العامة على خلاف ذلك وزعموا أن التسليم في هذه الصلاة سنة وإن كانوا مختلفين في عدد السلام والجهر به والإخفات.
واتفقت الإمامية على أن من السنة وقوف الإمام في صلاة الجنائز
صفحة ٣١
مكانه حتى ترفع الجنازة على أيدي الرجال.
وأجمعت العامة على نفي ما أثبتوه من السنة في هذا المكان
باب الزكاة ما اتفقت الإمامية عليه مما أجمعت العامة على خلافه في جميع أبواب الزكاة
مجموع ما اتفقت الإمامية عليه في هذه الأبواب مما للعامة خلاف لهم عليه أو وفاق خمسة أشياء منها قول الإمامية إن التبر والفضة قبل سبكهما وضربهما دراهم ودنانير لا زكاة فيهما على الإيجاب.
ومنهما قولهم إن السبائك من الذهب والفضة والنقار منهما
صفحة ٣٢
جميعا ما لم يحتل بذلك فيهما لإسقاط الزكاة لا زكاة فيهما كقولهم في المسألة الأولى سواء.
ومنها قولهم إن أقل ما يخرج إلى الفقير من مفروض الزكاة درهم على التمام ... والأحكام فبين العامة فيه اختلاف وقد ذهب بعض الإمامية من هذه الأبواب إلى ما رغب عنه جمهورهم وكان من العامة مع هذه الجمهور على الرغبة عنه الإطباق.
وكذلك وجدت القول في أبواب الاعتكاف وأحكام المسافرين في الصوم والإفطار والتقصير في الصلاة والتمام وحدود المسافات والطاعة في السفر والإباحة والعصيان فلم أتعرض لتفصيل هذه الجمل إذ الغرض في هذا الكتاب سواه على ما رسمناه
صفحة ٣٣