313

إبطال التأويلات لأخبار الصفات

محقق

أبي عبد الله محمد بن حمد الحمود النجدي

الناشر

دار إيلاف الدولية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

الكويت

حمله عَلَى ظاهره، وأنه إشراف ذاته، لا عَلَى وجه الجهة، كَمَا جاز أن يتجلى للجبل حتى جعله دكا.
فإن قِيلَ: يحمل قوله: " إذ سطع لهم نور " عَلَى مَا يتجدد لهم من كراماته، وإشعارهم بما يزيدهم من معارفه، فعند ذلك يرفعون رؤوسهم، عَلَى مَعْنَى مَا يقال: فلان رفع رأسه، إِذَا ارتفعت حاله عَن انخفاض بما يتجدد لَهُ، وقوله عند ذلك: " أشرف عليهم من فوق رؤوسهم " يَعْنِي: من فوق رجائهم.
قيل: هَذَا غلط، لأنه إن جاز أن يحمل ظهور النور عَلَى كرامته جاز أن يحمل قوله: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ إِلَى كراماته، ولأنه إِذَا جاز أن يوصف أَنَّهُ أشرف عليهم من فوقهم رجائهم جاز أن يوصف من فوق رؤوسهم، لا عَلَى وجه الجهة إذ لا فرق بينهما.
فأما قوله تَعَالَى: ﴿وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ معناه لا يتعطف عليهم وَلا يرحمهم، وكذلك قوله ﷺ: " وَلا يَنْظُرُ اللَّه إِلَيْهِمْ " عَلَى هَذَا المعنى، ولهذا يقول القائل: انظر إلي بمعنى تعطف علي وارحمني، وليس المراد به نفي النظر الَّذِي هُوَ الرؤية، لأَنَّهُ تَعَالَى ناظرا رائيا إِلَى جميع الأشياء غير مستترة عَنْهُ
٣٤٦ - وَفِي معناه مَا روي: " إن اللَّه لَمْ ينظر إِلَى الدنيا منذ خلقها " معناه: لَمْ يجل قدرها وَلا قدر من
ركن إِلَيْهَا، لأَنَّهُ خلقها للفناء والزوال وحث عَلَى الزهد فيها وترك الاشتغال بها، وَمِنْهُ قولهم: مَا نظر فلان إِلَى فلان إِذَا أراد أَنَّهُ يعتد به.
وأما قوله: " إن اللَّه لا ينظر إِلَى صوركم ولكن ينظر إِلَى قلوبكم " معناه الاحتساب والاعتداد، أي لا يعتد بما يظهر منكم إِذَا لَمْ يوافق الباطن، لأَنَّ الأعمال الظاهرة

2 / 367