إبطال التأويلات لأخبار الصفات

أبو يعلى الحنبلي ت. 458 هجري
155

إبطال التأويلات لأخبار الصفات

محقق

أبي عبد الله محمد بن حمد الحمود النجدي

الناشر

دار إيلاف الدولية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

مكان النشر

الكويت

الرجل للجماعة الكثيرة، ولأن العرب تقول: مر بنا رجل من جراد أي قطعة منها. قيل: هَذَا غلط لما تقدم، وهو أن هاء الكناية يرجع إلى المذكور المتقدم ولأنه صرح باسمه الأعظم. فإن قيل: حمل الخبر عَلَى ظاهره يوجب رد القرآن، لأن الله سُبْحَانَهُ يَقُول: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا﴾ فأخبر أن الإلهية: لا تردها، وفي جواز وضع القدم فيها إيراد لها، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ وظاهر الخبر يقتضي أنها تمتلئ بالقدم، وهذا خلاف ظاهر القرآن، فوجب تأويله. قيل: هَذَا غلط، لأن حمله عَلَى ظاهره لا يوجب رد القرآن، وذلك أن قوله تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا﴾ معناه: ما وردوها عَلَى وجه الخوف والفزع والعقوبة، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا﴾ وأراد عَلَى وجه الخوف، ثم قَالَ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ وهذا المعنى معدوم فِي حقه سُبْحَانَهُ. وأما قوله تَعَالَى: ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ﴾ فنحن نقول بظاهره، وأنها تمتلئ به وبمن تبعه، لكن بعد وضع القدم وانزواء بعضها إلى بعض، ولا نقول أنها تمتلئ بالقدم. فإن قيل: فقدم الصفة لا يجوز وصفها بالوضع فِي المكان، وإنما قدم الجارحة، وذلك لا يليق بصفاته. قيل: لا يمتنع إطلاق ذَلِكَ لا عَلَى وجه الحد والجهة والحلول، كما جاز وصف الذات بالعلو عَلَى العرش لا عَلَى وجه الحد والجهة، وإن كنا نعلم أن

1 / 201