8
إلا أن الشيخ رحمه الله تعالى يتكلم هنا بحذر شديد ولا يرضى كل ما نسب إلى التابعين من الأقوال في تفسير القرآن، وهو من أجل هذا يقول: «إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته في أقوال الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين كمجاهد فإنه كان آية في التفسير.»
ثم يذكر أنه يجب أن يتفطن اللبيب لما أثر عنهم في هذا العلم؛ لأن أقوالهم ليست حجة في الفروع، فكيف تكون حجة في التفسير على غيرهم ممن خالفهم! ويختم كلامه هنا بهذه الكلمة الموجزة الجامعة: «أما إذا اجتمعوا على الشيء (يريد: الرأي) فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة.»
تلك تطبيقات لمنهج ابن تيمية العام على تفسير كتاب الله، ومعنى هذا أن الرسول
صلى الله عليه وسلم
بين لأصحابه كل معاني القرآن، فعلينا أن نلتمسها من أقوالهم جميعا، فقد يغيب شيء منها عن بعضهم، ولكنه لا يغيب عنهم جميعا. ثم ورث التابعون هذا العلم عن الصحابة، إلا أنه لا يرى أن آراء التابعين حجة على من خالفهم إلا إذا أجمعوا على رأي أو قول واحد.
9
هو إذن سلفي تماما في التفسير، كما هو شأنه في سائر العلوم التي اشتغل بها، وهو إذن لا يرى تفسير كتاب الله بالرأي الذي لا يسنده حديث أو قول مأثور؛ ولذلك نجده يقول: «فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام.» وينقل في تأييد ما يراه أحاديث وآثارا كثيرة نذكر منها ما يلي:
10 (1)
عن ابن عباس أن رسول الله
صفحة غير معروفة