188

ابن تيمية حياته عقائده

وابو بكر ايضا يشهد بذلك النزاع، ويبطل دعوى الاجماع، فيقول في كلامه للعباس بعدما اشار عليه المغيره بلقاء العباس الذى ما زال يرفض البيعه، فزاره هو وعمر وابو عبيده وصحبهم المغيره، فتكلم ابو بكر، الى ان قال: فاختارونى - اى المومنين - عليهم واليا ولامورهم راعيا.. وما انفك يبلغنى عن طاعن يقول الخلاف على عامه المسلمين، يتخذكم لجا فتكونون حصنه المنيع وخطبه البديع.

فاجابه العباس على كل كلامه حتى قال له: وان كان هذا الامر انما وجب لك بالمومنين، فما وجب اذ كنا كارهين.

وما ابعد قولك انهم طعنوا عليك ، من قولك انهم اختاروك ومالوا اليك!.

فهذا الكلام مردود ايضا عند الشيخ وان قاله عمر وابو بكر لانه يخدش في تلك الصوره التى رسمها الشيخ للخلافه فاعمل فيها ريشته ليخرجها صوره صافيه من كل شائبه: فجميع الصحابه والتابعين كانوا يقولون : ان ابا بكر وعمر افضل من على، وحتى الشيعه الذين صحبوا عليا كانوا يقولون ذلك ، وعلى نفسه كان كذلك لا يعرف لنفسه فضيله على ابى بكر او عمر او عثمان، ولا حق في الخلافه دونهم! ثم اضاف الى هذه الصوره اجماعا آخر يحسبه زاد في صفائها ونضارتها، فقال: وايضا فان الصحابه اجمعوا على ان عثمان افضل من على!.

اجماع مزعوم، يتلوه آخر مثله، لا يعرف الصحابه ولا التابعون حرفا منها، ولا استطاع ان يدعمها بنقل صحيح سوى ما نقله عن عبدالله بن عمر: انا كنا نقول : ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم نسكت. وهذا مردود بما رواه البخارى عن عبدالله بن عمر وقد سئل في زمن بنى اميه عن عثمان وعلى، فقال: اما عثمان فقد عفا الله عنه وكرهتم ان يعفو الله عنه، واما على فابن عم الرسول وختنه - وذكر محاسن عمله ثم اشار بيده وقال -: وهذا بيته في اوسط بيوت النبى.

وفى هذا القول اكثر من اشاره الى تفضيل على (ع)، هذا مع كونه قد جفا عليا(ع) مده خلافته لكنه ندم على ذلك وعلى عدم قتاله معه ندما لم يندمه على شيء في حياته.

صفحة ١٨٨