من بشر ناموا عن المجد
وكلهم يصدمه عامدا
أو تائه اللب بلا عمد
والبائس المسكين مستسلم
أذل للمكروه من عبد
وما اشتهى ذاك ولكنه
فر من اللؤم إلى الجهد
فر إلى الحمل على ضعفة
من كلحات المكثر الوغد
وما كان بينه وبين ذلك الحمال من صلة حركت فيه ذلك الإشفاق عليه، والعجب من صبره إلا أنه كان يؤثر مقاساة الجهد على مقاساة اللؤم، وبرح العناء على التكسب بمدح البخلاء، ويريح نفسه مما يعانيه الشاعر، ويفتقر إليه من استجداء النوال وذل السؤال، وهي صلة لا تتحرك بها العاطفة إلا في نفس مجبولة على العطف، والتأسي بأحوال الكبير والصغير والرفيع والوضيع. «وكان هو وصديق له متصلين برجل جليل من حاشية السلطان، فكان المتصل به يسرف على صديقه في الاستخفاف به»، فقال ابن الرومي يلوم ذلك الرجل الجليل على استخفافه بصديقه:
صفحة غير معروفة