وصار أبوه بسطاما
وكان أبوه قيباخا
وصار يقول: «قم عنا»
وكان يقول: «قوهاخا»
فأول ما يتبادر إلى الذهن أن «قوهاخا» هذه ترجمة «قم عنا» باللغة الفارسية، ولكننا سألنا من يعرفونها بيننا فلم يعرفوا للكلمة هذا المعنى ولا غيره، وأكبر الظن عندنا أنها ليست إلا حكاية صوتية لبعض المخارج الفارسية يحكيها ابن الرومي على سبيل التهكم بالعجمة في تلك المخارج. وقد تكون تصحيفا من «قوماخا»، وهي قريبة من نطق الأعجمي لقم عنا ... ولو كان حظه من العلم بالفارسية أكثر من حظ الحكاية الصوتية لكان أحرى به أن يظهر في هذا المقام .
مزاجه وأخلاقه
أي خبر من الأخبار التي تسربت إلينا عن حياة ابن الرومي لا نتركه مختارين غير آسفين لو استطعنا أن نستبدل به صورة لوجه الرجل وشخصه؟ بل أي خبر من هذه الأخبار لا نتركه مختارين غير آسفين لو استطعنا أن نستبدل به وصفا دقيقا لملامح الرجل وقسماته وشارته وسائر ما يتصل بشكله؟ فقد تعودت النفوس أن تشتاق إلى رؤية من تتحدث به وتسمع عنه، ولم تتعود ذلك عبثا؛ ولكنها تعودته لأن الرؤية تزيدها معرفة بمن تريد أن تعرفه؛ أو لأن المعرفة لا تكمل بغير رؤية.
وليس من مجرد المصادفة - فيما نعتقد - أن تشيع الصور الشمسية والترجمة التحليلية والدراسة النفسية في عصر واحد، ولا أن تكون الأمم المعروفة قديما ببراعة الترجمة وكتابة السير أمما معروفة كذلك بتقييد الملامح والسمات في الصور والتماثيل؛ فإن فراسة الظاهر جزء من فراسة الباطن.
وكلتاهما لازمة لفهم السيرة وإتقان الدراسة النفسية.
ونحن نؤمن بالفراسة كل الإيمان، ولا نشك إلا في المتفرسين أو في بعض المتفرسين، فالذي فاتنا من ترجمة ابن الرومي بفوات صورته قسم ليس بالقليل، وتعويض هذا القسم بما بقي لنا من الوصف العرضي والأخبار المنزورة من أصعب الأمور.
صفحة غير معروفة