33

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها

الناشر

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

فإن هؤلاء المماليك - الذين كانوا أرقَّاء في خدمة السلاطين - قد وصل أكثرهم إلى مناصب مرموقة، وكثر اتخاذ الأمراء منهم، ومن ثَمَّ أصبح كل واحد منهم يتطلع إلى الجلوس على كرسي السلطة، ولا يرى لغيره ميزة في التقدم عليه، واعتلاء السلطة دونه. فأخذ كل واحد منهم يقوِّي من أمر نفسه، ويكثر من المماليك حوله، حتى إذا سنحت له فرصة انقض على السلطان القائم فقتله، أو سجنه، أو نفاه، ثم يحل محله في حكم البلاد. ولم يكن الطمع في السلطة وحده هو الدافع إلى التخلُّص من السلطان القائم، بل إن مجرد عدم رضى الأمراء عن السلطان، أو خوفهم من بطشه بهم، كان مسوِّغًا - كذلك - لإقصائه أو التخلص منه. ومن يستعرض تاريخ تلك الدولة يجد من ذلك عجبًا، إذ إن العَدْوَ على السلطان القائم، وقتله أبشع قتلة، لم يكن أمرًا مستغربًا آنذاك، حتى إن كلَّ واحد منهم كان يتوقع أن يأتي دوره في أية لحظة، وكان لا يستبعد ذلك، فالأمراء الذين قتلوا المظفر قطز - ظلمًا وعدوانًا - قيل: إنهم لما قتلوه "حار الأمراء بينهم فيمن يُوَلُّون المُلْك، وصار كلُّ واحد منهم يخشى غائلة ذلك، وأن يصيبه ما أصاب غيره سريعًا ... " ١. فقد اعتلى كرسيَّ السلطنة في الفترة (٦٤٨ - ٧٨٤هـ) - وهي ستة وثلاثون عامًا، هي فترة حكم دولة المماليك الأولى - تسعةٌ وعشرون حاكمًا، قُتِل أكثرهم أو خُلِع، وقليل منهم توفي أو اعتزل٢.

١ البداية والنهاية: (١٣/٢٣٦)، حوادث سنة (٦٥٨هـ) . ٢ انظر: (التاريخ الإسلامي - العهد المملوكي) لمحمود شاكر: (ص ٣٥ - ٣٩) .

1 / 46