105

ابن قيم الجوزية وجهوده في خدمة السنة النبوية وعلومها

الناشر

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤هـ/٢٠٠٤م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

إنكاره شَدُّ الرَّحْلِ إلى قبر الخليل، ومحنته بسبب ذلك:
من البدع التي سادت المجتمع وقتئذ، وتقرب الناس بها إلى الله: بدعة شَدِّ الرَّحْلِ إلى قبر الخليل إبراهيم ﵇.
فقام ابن القَيِّم ﵀ في وجه هذه البدعة منكرًا لها، ومبينًا مخالفتها لسنة رسول الله ﷺ وهَدْيِه، فما كان من أعدائِه وشانئيه إلا أن قاموا ضِدَّه، وآذوه، ثم حُبِس بسبب ذلك.
قال الحافظ الذهبي: "وقد حبس مدة وأوذي لإنكاره شدَّ الرحل إلى قبر الخليل"١.
والظاهر أن هذه هي المرة التي حبس فيها مع شيخه ابن تَيْمِيَّة ﵀؛ ذلك أنه في السادس عشر من شعبان سنة ٧٢٦هـ اعْتُقِل الشيخ ابن تَيْمِيَّة في قلعة دمشق، وذلك بسبب ما أفتى به من المنع من شد الرحل إلى قبور الأنبياء، وبعد ذلك بأيام "أمر قاضي القضاة الشافعي في حبس جماعة من أصحاب الشيخ تقي الدين في سجن الحكم ... وعزَّرَ جماعة منهم على دواب ونودي عليهم، ثمَّ أطلقوا، سوى شمس الدين محمد بن قيم الجوزية؛ فإنه حُبِس بالقلعة، وسكتت القضية"٢.
ولعل في إطلاقهم كل رفاقه وإبقائه وحده في الحبس، ما يُبَيِّنُ لنا مدى الحِنْق الذي كان في نفوس أعدائه - من أهل البدع - ضده، ويبين لنا في الوقت نفسه، ما كان لابن القَيِّم من دور بارز، وتأثير بالغ في الناس آنذاك، مما جعل هؤلاء يخشونه على بدعهم، فرأوا أن يحجبوه في السجن.

١ المعجم المختص: (ص٢٩٦) .
٢ البداية والنهاية: (١٤/١٢٨) .

1 / 126