51

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

من رد شهادة الله على كتابه، وبهت حق الله بباطله، فاجمع من بحضرتك من القضاة واقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين هذا إليك، فابدأ بامتحانهم فيما يقولون، وتكشفهم عما يعتقدون في خلق القرآن، وإحداثه، وأعلمهم أن أمير المؤمنين غير مستعين في عمله ولا واثق فيما قلده، واستحفظه من أمور رعيته بمن لا يوثق بدينه، وخلوص توحيده ويقينه، فإذا أقروا بذلك، ووافقوا أمير المؤمنين فيه، وكانوا على سبيل الهدى والنجاة، فمرهم بنص من يحضرهم من الشهود على الناس، ومسألتهم عن علمهم في القرآن، وترك إثبات شهادة من لم يقر أنه مخلوق محدث، ولم يره، والامتناع من توقيعها عنده، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يأتيك عن قضاة أهل عملك في مسألتهم، والأمر لهم بمثل ذلك، ثم أشرف عليهم، وتفقد آثارهم، حتى لا تنفذ أحكام الله إلا بشهادة أهل البصائر في الدين، والإخلاص للتوحيد، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون في ذلك إن شاء الله.

كتب في شهر ربيع الأول سنة ٢١٨ هـ

الكتاب الثاني

وكتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم في أشخاص سبعة، منهم محمد بن سعد الواقدي، وغيره، فأشخصوا إليه، فامتحنهم، وسألهم عن خلق القرآن، فأجابوا جميعا إن القرآن مخلوق، فأشخصهم إلى مدينة السلام، وأحضرهم إسحاق بن إبراهيم داره، فشهر أمرهم، وقولهم بحضرة الفقهاء والمشايخ من أهل الحديث، فأقروا بمثل ما أجابوا به المأمون، خلى سبيلهم، وكان ما فعل إسحاق بن إبراهيم من ذلك بأمر المأمون.

وكتب المأمون بعد ذلك إلى إسحاق بن إبراهيم.

(أما بعد) فإن من حق الله على خلفائه في أرضه وأمنائه على عباده الذين ارتضاهم لإقامة دينه، وحملهم رعاية خلقه، وإمضاء حكمه وسننه، والائتمام بعد له

50