131

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

سبحانه بما لا يريد، ولا يريد ما ينهى عنه، إذ الإرادة والأمر عندهم متلازمان، لا يوجد أحدهما من غير أن يوجد الآخر.

وأحمد لا يرى ذلك، بل يرى ما يراه جمهور المسلمين، وأهل الفقه. وهو أن الله سبحانه وتعالى لا يقع شيء قط في الكون لا يريده، بل كل شيء بقدرة الله تعالى وإرادته، ولذلك يذم القدرية بهذه النحلة التي انتحلوها، ولقد سأله صالح ابنه عن الصلاة خلف القدري؟ فقال: إنه يقول إن الله لا يعلم ما يعمل العباد، حتى يعملوا، فلا تصل خلفه(١).

لكن أحمد إذ يذم القدرية، ويقبح طريقتهم، لا يجادل، ولا يناقش، ولا يحاول أن يقيم دليلاً عقلياً على إبطال ما ينتحلون، لأنه يرى أن كل أمر ثبت بالسنة والقرآن لا يحتاج إلى دليل وقد جاءت السنة بوجوب الإيمان بالقدر خيره وشره، فكل ما ينافيه باطل، وكان يرى الخوض في تفصيل هذه الأمور من البدع التي ابتدعها علماء الكلام، إلا إذا كانت قد نطقت به سنة نبوية أو قرآن كريم؛ ولذلك كان يقول كما كتب لبعض أصحابه:

((لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا، إلا ما كان في كتاب، أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه، فأما غير ذلك، فإن الكلام فيه غير محمود))(٢).

٤ - الصفات ومسألة خلق القرآن

١٠ - كان أحمد يثبت كل الصفات التي وصف الله بها نفسه في كتابه، والصفات التي وصف الله بها نفسه في الحديث الشريف، فكل وصف نته سبحانه وتعالى جاء به النص يصفه تعالى به، فهو في هذا كشأنه دائماً متبع للنصوص لا يعدوها إلى غيرها من وسائل الاستدلال، فهو يصف الله سبحانه وتعالى بأنه سميع بصير متكلم قادر مريد عليم خبير حكيم عزيز، ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى، ولقد روى عنه ابنه عبد الله أنه في أحاديث الصفات قال: هذه الأحاديث نرويها كما جاءت)).

(١) المناقب ص ١٥٩

(٢) المناقب ص ١٥٦

130