119

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ولما جاءت الدولة الأموية كانوا شوكة تقض مضاجعها، وتوالى خروجهم. وجملة آرائهم أنه لا يوجد بيت أولى من بيت بالخلافة، وأن الخليفة يختار اختيارا حرا من المسلمين جميعا، والأولى ألا يكون له عصبية، حتى يسهل خلعه، ويكفرون من يرتكب ذنبا.

وهم فرق مختلفة، ويتفاوتون مغالاة واعتدالا في أعمالهم وتفكيرهم، وأشدهم غلوا الأزارقة، وهم أتباع نافع بن الأزرق، وأقربهم إلى الجماعة الإسلامية الأباضية، وهم أتباع عبد الله بن إباض، وهم يرون أن مخالفيهم ليسوا كفارا، ولا مشركين، بل هم كفار نعمة، وأن دماء مخالفيهم حرام، وأنه تجوز شهادتهم، ولا زالت بقية باقية من الأباضية بالمغرب.

وبين الأباضية والأزارقة فرق مختلفة، منهم النجدات أتباع نجدة بن عويمر اليمني من قبيلة بني حنيفة، والصفرية أتباع زياد بن الأصفر، والعجاردة أتباع عبد الكريم بن عجرد.

ومن الخوارج من خرجوا عن الإسلام ببعض آرائهم، وهم فرقتان.

(إحداهما) اليزيدية أتباع يزيد بن أنيسة، وقد زعم أن الله سيرسل رسولا من العجم ينزل عليه كتاب ينسخ الشريعة المحمدية.

(وثانيتهما) الميمونية أتباع ميمون العجردي. وقد أباح نكاح بنات بنات الابن، وبنات أولاد الأخوة والأخوات، لعدم ذكرهن في المحرمات في زعمه، وروي عن هؤلاء الميمونية أنهم أنكروا سورة يوسف، ولم يعدوها من القرآن.

١٢٥- هذه إشارة موجزة إلى الفرق السياسية، أما الفرق الاعتقادية، وهي الفرق التي أثارت مسائل تتصل بالاعتقاد، فمنها.

المرجئة : وهي فرقة كانت تخلط بالسياسة أصول الدين، ورأيها الذي امتازت به يقابل رأي الخوارج في المسألة التي أثاروها، وهي مسألة مرتكب الذنب، أهو مخلد في النار! فقد قال المرجئة إنه لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. ولقد كان المعتزلة يطلقون كلمة مرجيء على كل من لا يحكم بأن صاحب الكبيرة مخلد في النار،

118