إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين
محقق
أبو أنيس على بن حسين أبو لوز
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هجري
مكان النشر
الرياض
رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به))(١) متفق عليه.
وهو مثل موافق للواقع؛ فإن من العلماء من اشتغل بحفظ النصوص واستظهارها، وحرص على أدائها كما هي، وحافظ عليها أن يدخلها تغيير أو تبديل، أو نقص أو زيادة، فهؤلاء هم حفاظ الأمة، قيضهم الله لحفظ الشريعة حتى لا تلتبس بغيرها، وهناك آخرون كان شغلهم الشاغل هو التفقه في هذه النصوص، والاستدلال بها، وتطبيقها على وقائع الأمة، واستنباط الأحكام منها، فكانوا مرجعًا للعامة عند حلول الوقائع، وتجدد المسائل، وهؤلاء هم فقهاء الأمة وعلماؤها، وأفضل منهم من جمع بين الحفظ والاستنباط، والتفقه والاستدلال، فرزقهم الله الحفظ القوي والذكاء في الأفهام، وقوة الذاكرة، والقدرة على الاستدلال بالنصوص على الوقائع، ومن هؤلاء الأئمة الأربعة الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وإن كانوا متفاوتين في هذه الصفات، وقد تبعهم الكثير من علماء الأمة، وأشغلوا أوقاتهم بتدوين ما فتح الله عليهم في العلوم والأحكام، وسموا تلك العلوم بفقه الأوامر والنواهي، وكثرت مؤلفاتهم قديمًا وحديثًا، وأقبل العلماء على تلك المؤلفات بالشرح والإيضاح، والتعليق والاختصار والإتمام.
وكان من المتأخرين الذين كتبوا في علم الفقه العالم الجليل، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي، من علماء القصيم، توفي رحمه الله تعالى في عام ست وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، فقد كتب في الفقه عدة رسائل ومسائل، ومن أشهرها رسالة مختصرة احتوت على أهم علوم
(١) أخرجه البخاري في العلم رقم (٧٩)، ومسلم في الفضائل رقم (٢٢٨٢).
15