الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية
محقق
عثمان عبد الله آدم الأثيوبي
الناشر
دار الراية للنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
1418هـ
مكان النشر
السعودية
فمما لا يحل لأحد أن يتفكر فيه ولا يسأل عنه ولا يقول فيه لم لا ينبغي لأحد أن يتفكر لم خلق الله إبليس وهو قد علم قبل أن يخلقه أنه سيعصيه وأن سيكون عدوا له ولأوليائه ولو كان هذا من فعل المخلوقين إذا علم أحدهم أنه إذا اشترى عبدا يكون عدوا له ولأوليائه ومضادا له في محابه وعاصيا له في أمره ولو فعل ذلك لقال أولياؤه وأحباؤه إن هذا خطأ وضعف رأي وفساد نظام الحكمة فمن تفكر في نفسه وظن أن الله لم يصب في فعله حيث خلق إبليس فقد كفر ومن قال أن الله لم يعلم قبل أن يخلق إبليس أنه يخلق إبليس عدوا له ولوليائه فقد كفر ومن قال أن الله لم يخلق إبليس اصلا فقد كفر
وهذا قول الزنادقة الملحدة فالذي يلزم المسلمين من هذا أن يعلموا أن الله خلق إبليس وقد علم منه جميع أفعاله ولذلك خلقه ويعملوا أن فعل الله ذلك عدل صواب وفي جميع أفعاله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ومما يجب على العباد علمه وحرام عليهم أن يتفكروا فيه ويعارضوه بآرائهم ويقيسوه بعقولهم وأفعالهم لا ينبغي لأحد أن يتفكر لم جعل الله لإبليس سلطانا على عباده وهو عدوه وعدوهم مخالف له في دينه ثم جعل له الخلد والبقاء في الدنيا إلى النفخة الأولى وهو قادر على أن لا يجعل له ذلك لو شاء أن يهلكه من ساعته لفعل ولو كان هذا من فعل العباد لكان خطأ وكان يجب في أحكام العدل من العباد أن إذا كان لأحدهم عبد وهو عدو له ولأحبائه ومخالف لدينه ومضاد له في محبته أن يهلكه من ساعته وإذا علم أنه يضل عبيده ويفسدهم ففي حكم العقل والعدل من العبادات أن لا يسلطه على شيء من الأشياء ولا يجعل له سلطانا ولا مقدرة ولو سلطه عليهم كان ذلك من فعله عند الباقين من عباده ظلما وجورا حيث سلط عليهم من يفسدهم عليه ويضاده فيهم وهو عالم بذلك من فعله وقادر على منعه وهلكته فممن تفكر في نفسه فظن أن الله لم يعدل حين جعل لإبليس الخلد والبقاء وسلطه على بني آدم فقد كفر ومن زعم أن الله عز وجل لم يقدر أن يهلك إبليس من ساعته حين أغوى عباده فقد كفر وهذا من الباب الذي يرد علمه إلى الله ولا يقال فيه لم ولا كيف لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
صفحة ٢٤٨