حصول المأمول بشرح مختصر الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
الناشر
نادي المدينة المنورة الأدبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
تصانيف
من يمرّ به من المساكين. وسأورد بعد قليل حديث عائشة في وصف خلوته ﷺ بغار حراء.
٢ ـــ وغار حراء يقع في جبل النور قريبًا من مكة (^١)، وقد كانت قريش تقصده للتعبد به في الجاهلية كما في سيرة ابن إسحاق عن عُبيد بن عمير بإسناد صحيح مرسل (^٢).
ويبدو أن التحنث كان من بقايا دين إبراهيم التي ظلت في قريش على طريقة الاعتكاف (^٣).
٣ ــ ولا يعرف على وجه التحديد متى كان بدء هذه العزلة، بيد أن المجزوم به أنها كانت قرب بعثته ﷺ، كما دل عليه حديث عائشة ﵂ في الصحيحين: «أول ما بُدئ به رسول الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصُّبح، ثم حبّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء فيتحنَّث فيه ـــ وهو التعبد ــــ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك ..» (^٤).
٤ ــ وفي اختلائه ﷺ شهرًا من كل عام وهو ما عبرت عنه عائشة ﵂ "بالليالي ذوات العدد" دليل على ضرورة مراعاة الاعتدال والوسطية في الأمور كلها بما فيه أمور التعبد، فلم يكن ﷺ يخلو أيامًا قصيرة جدًا في الغار ولا أيامًا طويلة جدًا،
_________
(^١) وهو مطل على الكعبة، ويحتاج الصعود إليه نحوًا من نصف ساعة أو أكثر.
(^٢) سيرة ابن هشام ١/ ٢٣٥.
(^٣) فتح الباري ١٢/ ٣٥٥.
(^٤) صحيح البخاري «٣» واللفظ له، صحيح مسلم «١٦٠» من حديث عائشة ﵂.
1 / 38