حسن التنبه لما ورد في التشبه
محقق
لجنة مختصة من المحققين بإشراف نور الدين طالب
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
مكان النشر
سوريا
تصانيف
من المخلِّطين، والمعصيةُ مقررةٌ فيهم؟ قلت: سبحان الله! والعملُ الصالح مقرَّرٌ فيهم - أيضًا -، وهو أولى من أن نكون من المُصِرِّين، ﴿فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾، ثم وقفتُ على كلام مُطَرِّفٍ، وهو ما روى البيهقيُّ عن مطرِّفٍ، قال: إني لأستلقي في الليل على فراشي، وأتدبَّرُ القرآنَ، فأعرِض نفسي على أعمالِ أهلِ الجنة، فإذا أعمالُهم شديدة: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾، ﴿يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾، ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾، فلا أُراني منهم، فأعرض نفسي على هذه الآية: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ إلى قوله: ﴿نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾، فأرى القومَ مكذِّبين، فلا أراني منهم، فأمُرُّ بهذه الآية: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾، فأرجو أن كون منهم، فحمِدْتُ اللهَ تعالى على موافقته، على أن المخلِّطين المذكورين كانوا من أعيان الأنصار، والصحابة الأخيار، وأنَّى لنا باللحاق بأقلِّهم؟ وقوله تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾، فـ ﴿عَسَى﴾ و﴿لَعَلَّ﴾ هو في القرآن يدلاَّنِ على تحقيق ما بعدَهما بإجماع المحققين من المفسرين، فالتوبة مقبولة منهم بفضل الله تعالى. انتهى (١).
ومما ذكره: فيما يجتنب التشبيه بالثيران ونحوها من الفَظَاظة، وجهر الصوت، والتكلُّم بما لا يليق بالمكان والزمان، والناس يشبِّهون كلَّ فَظٍّ غليظٍ بَليدٍ أكُولٍ بالبقرة والثور، وتقدم فيما أنشدناه عن عبد الحق الإشبيلي، وهو:
_________
(١) انظر: (٣/ ٦٩ - ٧٠) من مطبوعتنا هذه.
مقدمة / 27