كأن ميزانا نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ووزن أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر بعثمان ثم رفع الميزان، قال الراوي فرأينا الكراهة في وجه رسول الله ﷺ. وفي رواية: فاستاء لها، يعني فساءه ذلك، فقال: خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء.
وسبب الكراهة التي بدت على وجهه ليس راجعا إلى رجحان بعضهم ببعض لأن ذلك هو المعلوم المقرر عنده، بل راجع إلى قوله ثم رفع الميزان، وهذا الميزان هو الميزان المشار إليه بقوله تعالى: ﴿الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان﴾، وهو الميزان الذي يوزن به حكم الكتاب الذي نزل مقارنا له، فيسوى به الحقوق، ويقام فيها القسط فيعطى كل ذي حق حقه، ولما أخبره أنه ذلك الميزان رفع بموت عثمان علم أن منتهى استقامة أمته على أكمل الأحوال، وأتم قوانين العدل إلى موت عثمان، وهذه المدة المشار إليها بقوله خلافة نبوة أي كاملة من كل وجه باجتماع الكلمة واتحادها كما اجتمعوا على نبيهم سامعين مطيعين، ثم يحصل الجور في جانب فيعطى بعض الحق غير أهله كما انصرفت الخلافة عن علي وآله إلى بني مروان. ولا يقدح ذلك في خلافة سيدنا علي لأنه قد أدخل مدته في أسهم الخلافة الموعود بها في قوله تعالى: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم﴾ فهذه هنا خلافة نبوة، وهي خلافة خاصة مشروط فيها اتحاد الكلمة، والتي في الآية خلافة حق عامة مطلقة. والله أعلم.
وقال رجل: يا رسول الله رأيت كأن دلوا دلي من السماء فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها
1 / 87