كانت بينيلوبي قد رسمت لها خريطة أولية، وسرعان ما أوقفت جولييت سيارتها أمام كنيسة قديمة. وقد كانت كنيسة أنشئت منذ خمسة وسبعين أو ثمانين عاما، ومغطاة بجص الزخرفة، لم تكن في قدم أو إبهار الكنائس التي كانت موجودة في هذا الجزء من كندا الذي نشأت فيه جولييت. وخلفها كان يوجد مبنى أحدث، ذو سقف منحدر ونوافذ تملأ الجزء الأمامي، وكانت مرفقة به أيضا منصة بسيطة ومقاعد خشبية للجلوس وما بدا أنه ملعب كرة طائرة يحتوي على شبكة متراخية. كان كل شيء رثا، وهذه الرقعة من الأرض التي كانت فيما سبق بلا حشائش وأشجار استعادتها أشجار الصنوبر والحور.
كان هناك شخصان - لم تستطع أن تميز ما إذا كانا رجلين أو امرأتين - يقومان ببعض أعمال النجارة فوق المنصة، وجلس آخرون على المقاعد الخشبية في مجموعات صغيرة منفصلة. كانوا جميعا يرتدون ملابس عادية، وليس معاطف صفراء أو أي شيء من هذا القبيل. طوال بضع دقائق لم يلحظ أحد سيارة جولييت، ثم نهض شخص من الجالسين على المقاعد الخشبية وتوجه دون عجلة نحوها. كان رجلا قصيرا متوسط العمر يرتدي نظارة.
خرجت من سيارتها وحيته وسألت عن بينيلوبي. لم يتحدث - ربما كانت هناك قاعدة تلزمه بالصمت - ولكنه أومأ واستدار ودخل الكنيسة، وسرعان ما استطاعت أن ترى من مكانها، ليس بينيلوبي، ولكن سيدة بدينة تتحرك ببطء ذات شعر أبيض، ترتدي سروالا من الجينز ومعطفا فضفاضا.
قالت: «شرفت بمقابلتك. تفضلي إلى الداخل. لقد طلبت من دوني إعداد بعض الشاي لنا.»
كان لها وجه عريض نضر، وابتسامة مرحة وحانية في الوقت ذاته، وما افترضت جولييت أنها لا بد وأن تكون عينين براقتين. قالت: «اسمي جوان.» كانت جولييت تتوقع اسما مستعارا مثل سيرينيتي (التي تعني سكينة بالإنجليزية)، أو اسما ذا طابع شرقي، وليس اسما بسيطا ومألوفا مثل جوان. ولاحقا، بالطبع، تذكرت اسم البابا جوان.
قالت بنبرة لطيفة: «لقد جئت إلى المكان الصحيح، أليس كذلك؟ أنا غريبة عن دينمان. تعلمين أني جئت لمقابلة بينيلوبي؟» «بالطبع، بينيلوبي.» أطالت جوان في نطق الاسم، مع تخلل صوتها نبرة احتفالية.
كان الجزء الداخلي من الكنيسة معتما بسبب القماش الأرجواني الذي غطى النوافذ العالية، وقد رفعت المقاعد الخشبية الطويلة وأي أثاث آخر كان بالكنيسة، وكانت الستائر البيضاء البسيطة تتدلى لتشكل حجيرات خاصة، فيما يشبه أقسام المستشفيات. لكن الحجيرة التي دلت جولييت إليها لم يكن بها فراش؛ فقط طاولة صغيرة ومقعدان من البلاستيك، وبعض الأرفف المفتوحة المكدس بها في غير نظام ورق مبعثر.
قالت جوان: «أخشى أننا ما زلنا نجري بعض الإصلاحات هنا يا جولييت. هل يمكنني أن أناديك جولييت؟» «نعم بالطبع.» «أنا لست معتادة على التحدث مع شخص مشهور.» عقدت جوان يديها أسفل ذقنها في وضعية تشبه وضعية الصلاة. «لا أعرف إذا ما كان ينبغي لي التعامل معك بطريقة رسمية أم لا.» «لست شهيرة تماما.» «بل أنت شهيرة. الآن لا تقولي أشياء كهذه. وسوف أعترف لك على الفور إلى أي مدى أنا معجبة بأعمالك؛ إنها بمثابة الشعاع في الظلام. إن برنامجك هو البرنامج التليفزيوني الوحيد الذي يستحق المشاهدة.»
قالت جولييت: «شكرا. وصلتني رسالة من بينيلوبي ...» «أعرف، ولكني آسفة لأني مضطرة أن أخبرك يا جولييت، ولا أريد منك أن تصابي بالإحباط ... بينيلوبي ليست هنا.»
قالت السيدة هذه الكلمات - بينيلوبي ليست هنا - بأكبر قدر ممكن من الاستخفاف؛ فقد تظن أن غياب بينيلوبي يمكن أن يتحول إلى موضوع للتسلية؛ لإثارة بهجتهما في حوارهما المتبادل.
صفحة غير معروفة