قال: «قليلا.» «هل تعتقد أنني أضخم الأمر؟» «هذا طبيعي.»
قالت وهي لا تزال تتحكم في ضحكتها: «لكنك تعتقد أنه مجرد خطأ، وأن الشعور بالذنب ما هو إلا نوع من المبالغة والتضخيم.»
قال: «ما أعتقده هو ... أعتقد أن ما حدث شيء بسيط وثانوي، فستحدث أشياء في حياتك ... أعني قد تحدث أشياء في حياتك، تجعلك ترين ما حدث شيئا ثانويا؛ فهناك أشياء أخرى ستشعرين نحوها بالذنب عن جد.» «ألا يقول الناس ذلك أيضا إلى شخص أقل في العمر؟ فهم يقولون: أوه، في يوم من الأيام ستفكر بطريقة مختلفة، عليك أن تنتظر وترى. كما لو أنه ليس لديك الحق في أن تنتابك أي مشاعر جادة وحقيقة، كأنك لست قادرا على هذا.»
قال: «مشاعر؟ إنني أتحدث عن الخبرة.» «لكن كأنك تقول إنه لا طائل من الشعور بالذنب، والناس يقولون ذلك. هل هذا صحيح؟» «فلتخبريني أنت.»
واستمرا يتناولان هذا الأمر لفترة من الوقت، وبصوت خفيض، ولكن بحدة لدرجة أصابت من كان يمر بجانبهم بالدهشة، بل وحتى بالضيق، كما هو الأمر في العادة عندما يسمع الناس بعض المناقشات التي تبدو مجرد أفكار نظرية مجردة ليس لها داع. أدركت جولييت بعد فترة أنه برغم أنها كانت تتناقش بصورة جيدة في اعتقادها - ونظرا لضرورة وجود بعض الشعور بالذنب في الحياة الخاصة والعامة - فإنها قد توقفت عن الشعور بذلك في تلك اللحظة. ويمكن القول بأنها كانت تستمتع بوقتها.
اقترح عليها أن يذهبا إلى عربة الجلوس حيث يمكنهم احتساء بعض من القهوة. وبمجرد أن دلفت جولييت إلى العربة شعرت بالجوع الشديد، بالرغم من أن ساعات الغذاء كانت قد انتهت منذ وقت طويل، وكل ما كان يمكن تقديمه آنذاك هو المقرمشات المملحة، والفول السوداني، وراحت هي تزدردها بطريقة جعلت من الصعب استرجاع المناقشة العميقة التي غلبت عليها بعض التنافسية؛ لذا راحا يتحدثان عن نفسيهما بدلا من ذلك، وكان اسمه إيريك بورتيوس، ويعيش في مكان يطلق عليه ويل باي، ويقع في مكان ما شمال فانوكوفر على الساحل الغربي، لكنه لن يذهب إلى هناك على الفور، بل سيقطع الرحلة ليذهب إلى ريجينا ليزور بعض الأشخاص الذين لم يرهم منذ فترة طويلة. كان صيادا، يصطاد القريدس. سألته عن الخبرة الطبية التي أشار إليها فقال: «أوه، إنها ليست بخبرة كبيرة؛ فلقد قمت ببعض الدراسات الطبية؛ فعندما تكونين وحدك بالغابة أو على متن مركب، فمن الجائز أن يقع أي شيء للأشخاص الذين يعملون معك، أو ربما لك.»
كان متزوجا، وزوجته تدعى آن.
قال إن آن أصيبت في حادث سيارة منذ ثماني سنوات مضت، وظلت في غيبوبة لعدة أسابيع، وبعدها أفاقت من غيبوبتها، لكنها أصيبت بشلل، ولم تستطع السير أو حتى إطعام نفسها، وكانت تعرفه بالكاد، وتعرف المرأة التي تعتني بها - وبمساعدة تلك المرأة استطاع أن يبقيها في المنزل - ولكن محاولاتها الحديث، أو فهم ما يدور حولها، سرعان ما تضاءلت.
كانا قد ذهبا إلى إحدى الحفلات، ولم تكن لديها الرغبة في الذهاب ولكنه كان يريد ذلك، ثم قررت أن تعود إلى المنزل بمفردها سيرا على الأقدام؛ حيث لم يكن يروقها ما يحدث في الحفل.
وكان هناك مجموعة من الأشخاص الثملين العائدين من حفلة أخرى، يسيرون بسرعة كبيرة عبر الطريق وصدموها. كانوا مجموعة من المراهقين.
صفحة غير معروفة