حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش، وعن محمد وأصحابه، ما بلغه عنهم، فقال الشيخ: لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما؟ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إذا أخبرتنا أخبرناك. قال: أذاك بذاك؟ قال: نعم. قال الشيخ: فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا، فإذا كان الذي أخبرني صدقني، فهم اليوم بمكان كذا وكذا. المكان الذي به رجال رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا، فإن كان الذي أخبرني صدقني، فهم اليوم بمكان كذا وكذا. للمكان الذي فيه قريش. فلما فرغ من خبره قال: ممن أنتما؟
فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : نحن من ماء.
وفي «الإمتاع» أنه قال: «نحن من ماء وأشار بيده إلى العراق.» ثم يتفق رواة السيرة على رد الشيخ المندهش على نفسه - وهو يغمغم: «ما من ماء؟ أمن ماء العراق؟!»
9
وينزعج «الحلبي» راوي السيرة من رد النبي
صلى الله عليه وسلم ، ولا يدرك الحذر المفترض في قائد عسكري مقبل على معركة، ولا يرى في ذلك القائد سوى الجانب النبوي المتعالي، وأن للنبوة صفات تتناقض مع رد الرسول على الأعرابي، فيقول في تساؤل استنكاري، أو في استنكار متسائل:
وقد تقدم في أوائل الهجرة، أنه لا ينبغي لنبي أن يكذب، ولو صورة، ومنه التورية.
صفحة غير معروفة