حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

سيد القمني ت. 1443 هجري
105

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

تصانيف

11

ولعل مبلغ ذلك الانتصار البدري، يظهر واضحا في المدى الذي وصلت إليه قوة المسلمين، وتضاءلت بجانبه قوى يثرب جميعا، ثم يتضح في مقتل «كعب بن الأشرف» بعد ذلك، لما ذلف به لسانه؛ أما مكة فحالها يتضح في خروج «كنانة بن الربيع» يصحب «زينب» بنت رسول الله رضي الله عنها، نهارا جهارا أمام أعين قريش، وما دار من حوار بينه وبين «أبي سفيان»، يبرز مدى هوان قريش وانحطاط هيبتها. ويروي «ابن هشام» أن قريشا قامت تنوح على قتلاها، «ثم قالوا: لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم، ولا تبعثوا في أسراكم حتى تستأنوا بهم، لا يأرب عليكم محمد وأصحابه في الفداء.» وكان الأسود بن عبد المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده؛ زمعة بن الأسود، وعقيل بن الأسود، والحارث بن زمعة، وكان يحب أن يبكي على بنيه، فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل، فقال لغلام له وقد ذهب بصره: انظر هل أحل النحب؟ هل بكت قريش على قتلاها؟ لعلي أبكي على أبي حكيمة - يعني زمعة - فإن جوفي قد احترق. قال: فلما رجع الغلام إليه قال: إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته، فذاك حين يقول الأسود:

أتبكي أن يضل لها بعير

ويمنعها من النوم السهود

فلا تبكي على بكر ولكن

على بدر تقاصرت الجدود

على بدر سراة بني هصيص

ومخزوم ورهط أبي الوليد

وبكي إن بكيت على عقيل

وبكي حارثا أسد الأسود

صفحة غير معروفة