Amount of Attention ، فإن الظاهرة الأساسية لها من الناحية الفلسفية هي الجدة والإبداع والفعل المبتكر (فقرة 12)، وجيمس هنا يذكرنا بصديقه هنري بيرجسون الذي عني كثيرا بارتباط الحرية بفكرة الخلق والإبداع، ولكن لأن بيرجسون وقع في براثن الحتمية وأصيب بالانفصام، فإنه قد جعل الحرية برفقة الجدة والإبداع كائنة في الديمومة، كمتميزة عن العلم الحتمي العلمي القائم في الزمان ، أما جيمس فلأنه لاحتمي والحرية معه ليست منفية، فإنه مثلما أقام الحرية في هذا العالم فقد أقام فيه أيضا الجدة والإبداع.
يقول جيمس إن إحساسنا بالحرية يفترض أن بعض الأشياء على الأقل تتقرر هنا والآن، وأن اللحظة الجارية قد تنطوي على بعض تحديد وقد تكون نقطة بدء طريفة للأحداث وليس مجرد ناقلة بالدفعة من مصدر ما، نحن نتخيل في بعض الظروف أن المستقبل قد يكون منطويا في الماضي ولكنه قد يكون في الواقع منضافا إليه على هذا النحو أو ذاك، والواحدية تخرج من نطاقها كل هذا التصور للإمكانيات، وتضطر إلى القول بأن المستقبل والماضي مرتبطان فلا يمكن أن يكون ثمة ابتكار حقيقي في أي مكان،
67
إن الابتكار لا ينفصل عن الحرية التي تستلزم عالما لاحتميا.
الحتمية = الواحدية = استحالة الجدة والابتكار = نفي الحرية.
اللاحتمية = التعددية = إمكانية الجدة والابتكار = إثبات الحرية.
وكما أوضحت تحليلاتنا السابقة، فإن هذا حكم موضوعي عام، يصدق من أية نظرة فلسفية معقولة سواء أكانت جيمسية أم لا جيمسية، غير أن جيمس على رأس من أدركوا هذا بوضوح ناصع، وأدرك أن «النزاع بين التعددية والواحدية أعنف مآزق الفلسفة كلها بالرغم من أنه لم يتضح بتميز إلا في أيامنا هذه»
68
والمقصود طبعا أيامه تلك حيث بدأ النزاع بين الحتمية واللاحتمية، ولما كان جيمس رافضا للحتمية مثبتا لللاحتمية، كان رافضا للواحدية مثبتا للتعددية، وأصل كل هذا إثبات الحرية عن طريق إثبات لاحتمية أنطولوجية.
لم يخص جيمس قضية بجام غضبه، مثلما فعل بالواحدية، من حيث كونها فلسفة حتمية تزعم أن العالم محكم التماسك «يجب أن يكون وحدة متينة، يحدد الكل كل عضو فيه على ما هو عليه، وأقل بادرة من بوادر الاستقلال تقضي عليه فورا».
صفحة غير معروفة