ويرى قفاه بجمع مرءاتين
وقال آخر:
الرأي كالليل مسود جوانبه
والليل لا ينجلي إلا بمصباح
فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى
مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح
ولا يدخل في وهم امرئ سمع قولهم: «إنما العاجز من لا يستبد» أن اقتداءه بسنة الشورى يشعر الناس بعجزه وحاجته إليهم، فتسقط جلالته من أعينهم ويفوته الفخر بالاستغناء عنهم؛ فإن الناصح الأمين لا تجده يجعل الفخار محورا يدير عليه سياسته، فيلقي له بالا، وإنما يبني أعماله على مصالح يجلبها أو مفاسد يدرؤها، ومن كان يريد التمجيد والثناء، فنعته بعدم الانفراد بالرأي أفخر لذكره وأشرف لسياسته من وصفه بصفة الاستبداد، قال تعالى في الثناء على الأنصار:
والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم
أي لا ينفردون برأي حتى يجتمعوا عليه، وروي أن هذا دأبهم من قبل الإسلام، ولعله هذا هو الوجه في مخالفة أسلوب الوصف به لما قبله وما بعده، حيث أورد في جملة اسمية للدلالة على الثبوت والاستمرار.
ومن فوائدها استطلاع أفكار الرجال، ومعرفة مقاديرها، فإن الرأي يمثل لك عقل صاحبه كما تمثل لك المرآة صورة شخصه إذا استقبلها.
صفحة غير معروفة