ثم حقوق الله تعالى في الصلاة : أن يعلم المصلي أنها وافدته إلى الله عز وجل ، فليصل صلاة مودع ، يعلم أنه إذا أفسد صلاته لم يجد خلفا منها ولا عوضا ، ومن أفسد صلاته فهو لسائر الفرائض أفسد ، وإذا قام العبد إلى الصلاة فليقم مقام الخائف المسكين المنكسر المتواضع خاشعا بالسكون والوقار ، وإحضار المشاهدة بيقين بالله ، فإذا كملت فقد فاز بها ، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، كما قال الله تبارك وتعالى .
وحق الله في الصيام : إجتناب الرفث وفضول الكلام ، وحفظ البصر ، وتحريم الطعام ، والشراب ، والصوم جنة من النار ، ومن تعطش لله جل
ثناؤه أرواه الله من الرحيف المختوم في دار السلام .
وحق الله تعالى في الأموال : على قدرها ، فما كان من زكاة فإخراجها عند وجوبها ، وتسليمها إلى أهلها ، فإن أخرجتموها إلى غير أهلها فهي مضمونة لأهلها في جميع المال ، وهي إذا لم تخرج إلى أهلها مخبثة لجميع المال ، فيجب إخراجها بيقين وإخلاص ، فتلك من أفضل الذخائر عند الله عز وجل وهي مقبولة .
وإذا توجه العبد إلى الله بقصد ونية ، أقبل الله تعالى إليه بالخير ، وإذا اهتدى زاده الله هداية في هدايته إليه ، وبصره وعرفه طريق نجاته ، فإنما يريد الله تعالى بنا اليسر وهو الهادي ، وهو المسعف بالقوة على صعوبة الحق وثقله على النفوس .
ومن علامات القاصد إلى الله : إقبال قلبه وجوارحه وإرشاد النفس وإستعبادها بالتذلل والخشوع والخشية له ، السالمة من الرياء ، والتخلص من التبعة بالصلاح .
وحق الله على عبده في أئمة الهدى : أن ينصح لهم في السر والعلانية ، وأن يجاهد معهم ، وأن يبذل نفسه وماله دونهم ، إن كان قادرا على ذلك من أهل السلامة .
وحق الله على عبده في معرفة حقوق العلماء ، الدالين عليه في الأمر والنهي : أن يسألهم إذا جهل ، وأن يعرف لهم حقهم في تعليم الخير .
صفحة ١٦